الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يقسو عليّ ويهددني بالزواج من أخرى، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوجة منذ عشر سنين، ومعي ثلاثة أطفال، وزوجي يصلي ومتدين، ويكفيني بأي شيء أطلبه، ويكفي بيته وأولاده، ويساعدني في شغل البيت، وشراء الطعام، وفي تربية أولاده.

علماً بأني -ولله الحمد- أصلي وأخاف الله فيه، ثم في أولاده، وفي وغيابه، ولم أطلب شيئاً فوق طاقته، وأتحدث عنه بالخير دائماً، ولكن هو لا يفعل ذلك، وهو دائم التناقض مع طبعي وتصرفاتي، ولا يذكر حسنة واحدة لي، ودائماً ينظر فقط لأخطائي، ولا يرى غير العيوب، ويرى أيضاً عيوباً لا وجود لها، لدرجة أني وصلت إلى عدم الثقة في نفسي.

كما أنه يقارنني دائماً بغيري، وتحدث بيننا مشاجرات دائماً تصل لحد الضرب والإهانة، وأنا حقيقة كنت أرفع صوتي عليه للدفاع عن نفسي، لأني أحس أني مظلومة، أو أنه يوجد سوء تفاهم، وهو صوته مرتفع، وكثير الشتائم.

كل هذا أمام الأولاد، وكلها مشاكل سببها تافه، أو لأني كثيرة النسيان لأشياء صغيرة، علماً بأني غير مقصرة معه، ولا في البيت ولا الأولاد، ولا أخرج من البيت دون إذنه، وأحافظ على ماله، وهو لا يذكر هذه الأشياء، ويذكر فقط حسناته هو، وكنت أذهب لأهلي مرات عديدة، بسبب الضرب والإهانة، وهو عندما يأتي يقول: ربنا يقول في القرآن الكريم (واضربوهن) وأن المفروض أن أتحمل أسلوب الضرب والإهانة، لأن صوتي يعلو عليه، وأيضاً مقابل مساعدته لي، وتلبية احتياجاتي، وكان يراضيني، وكنت أرجع لأجل بيتي وأولادي، بالرغم من أنه يبقى مقتنعاً أن الضرب حلال باسم الشرع.

لم أطلب الطلاق، وهو الآن تغير قليلاً في موضوع الضرب، لكني غير مطمئنة، ودائماً يؤذيني بكلامه، ولا يقول كلمة حلوة عني بقصد أن لا يسمع أولادنا، وإذا أحد من أولادي أخطأ عليَّ يضحك، فبالتالي الطفل يزيد في الخطأ، وعندما يقول لي كلمة جميلة أو يقول لي: أحبك، لا أصدقه، لأني دائماً أتذكر كلامه السيء، ودائماً يذكرني بكل شيء يصرفه علي، حتى مساعدته لي في البيت مما لا أطلبها.

أنا دائماً مكتئبة، بسبب إحساسي أنه لا يقدرني، ودائماً يحدثني عن التعدد، وبأنه حالياً لا يريد الزواج، لكن في وقت ما يريد سيتزوج، ويقول هذا أمام الأولاد، وهو يرى أن أهم شيء أنه يصرف علي وعلى البيت، وأي شيء ليس من حقي فلا أعترض عليه، حتى الضرب والإهانة، طالما أنه في فترة وأخرى، وليس يومياً.

هل لو تزوج وطلبت الطلاق حرام؟ لأني لا أتحمل أيضاً أن يتزوج علي، ولأني تحملت كثيراً، لأجل أولادي، على أمل أن يتغير، ولأني دائماً أنظر لحسناته، وأقدر تعبه معنا، وأنا حالياً منتظرة زواجه، لأنه دائماً يتحدث عنه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ AM حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: نحب أن نبشرك -أختنا العزيزة- أن ثمرة صبرك على زوجك، وحرصك على الحفاظ على أسرتك ثمرة هذا كله لن يضيعها الله سبحانه وتعالى، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين كما أخبر عن نفسه في كتابه، فينبغي أن تحسني ظنك بالله سبحانه وتعالى، وتعلمي علماً يقينياً أن كل معاناتك التي مررت بها ما دمت تقصدين بالصبر عليها الخير؛ فإن أجر هذا محفوظ، وسيكون سبباً لسعادتك في عاجل حياتك وفي آخرتك.

بالنسبة لزوجك: فقد أحسنت كل الإحسان حين أنصفت وذكرت ما فيه من الخصال الطيبة، والجوانب الإيجابية الحسنة، وإن قصر هو بأن لم يبادلك المعاملة بالمثل، ومقابلة الإحسان بالإحسان؛ فإن هذا راجع إليه، وخسارته على نفسه، وصبرك على هذا منه أيضاً مزيد لحسناتك، وتثقيل لموازينك.

مع هذا كله نحن نعلم علم اليقين -أيتها الأخت العزيزة- أن هذا الزوج كغيره من الناس، قابل للتغير -بعون الله تعالى-، لا سيما وقد ذكرت عنه أوصافاً تؤهله لقبول النصح والتفاعل مع أسباب التغيير، وقد ذكرت أنت بنفسك أنه بدأ يتغير في بعض القضايا كقضية الضرب، وهذا يدل على أنه يحمل روحاً طيبةً، ولكنه يحتاج إلى من ينبهه برفق ولين إلى ما ينبغي عليه أن يفعله، وما تكون عليه معاشرة الزوجة من أنواع الإحسان المعنوي، ومراعاة المشاعر، وإدخال السرور على قلبها، فاستعيني على هذا بإسماعه بعض النصائح التي تتحدث عن هذه الجوانب في الحياة الزوجية، ولو بطريق غير مباشر؛ حتى لا يأخذه العناد فيصر على ما هو عليه.

من الأساليب النافعة في هذا: الاستعانة بمن لهم كلمة مسموعة لديه من أقاربه، وربط العلاقات مع الأسر التي فيها أناس طيبون يتأثر بهم.

أما ما ذكرت من الضرب: فضرب الرجل لزوجته صحيح أنه ورد القرآن بذكره، ولكنه ورد على هيئة الدواء على قاعدة (آخر العلاج الكي)، وليس هو ضرب انتقام، وإنما هو ضرب تأديب، والمقصود الأعظم منه التخويف، وإذا حصل المقصود من الزوجة من الطاعة وعدم النشوز، فقد قال الله سبحانه وتعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ).

أما ما ذكرت بشأن طلبك للطلاق إذا تزوج: فنحن ننصحك بأن تصرفي ذهنك عن التفكير في طلب الطلاق؛ فإن طلب الطلاق معناه تفريق الأسرة، وتشتيتها، وتضييع الأبناء والبنات، ولهذا كان الطلاق مكروهاً يبغضه الله سبحانه تعالى؛ لما يعقبه وينتج عنه من نتائج سيئة، فنصيحتنا لك: أن لا تفكري في الطلاق، واستعيني بالله سبحانه وتعالى، واصبري على كل مقدور يأتيك.

أنت الآن لا تزالين تعيشين مرحلة الانفراد، فلا ينبغي أن تقلقي نفسك بتحمل الهموم والأحزان، وكأنه قد تزوج، فلا داعي لأن تستعجلي عيش الأوهام المستقبلية، وتعيشي آلامها في اللحظة الحالية، لكن لو حصل ذلك، ولم تستطيعِي الصبر، بمعنى أنك ستقعين في التقصير في حق زوجك التقصير المحرم، والوقوع في الإثم والمعصية؛ فحينها يجوز لك أن تطلبي الطلاق، حتى تتخلصي من الإثم والمعصية.

أما إذا لم يؤد ذلك لخوفك من الوقوع في معصية الله تعالى، فإنه لا يجوز لك أن تطلبي الطلاق بغير ضرر يدعوك إلى طلبه، وهذا رأي أكثر المذاهب الإسلامية، وعليه أكثر علماء المسلمين، وقد وردت الأحاديث بنهي المرأة عن طلب الطلاق من غير ما بأس، وورد الوعيد الشديد والتهديد الأكيد للمرأة التي تفعل ذلك، فينبغي أن تصرفي ذهنك عن التفكير في طلب الطلاق، إلا عند وجود الحاجة التي ذكرنا لك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح زوجك، ويعجل لك بكل ما تتمنينه من أسباب السعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً