الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي مهملة في واجباتها الزوجية.. هل من حل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا رجل في الخامسة والثلاثين من عمري، تزوجت منذ نحو تسع سنوات ونصف، مرت السنة الأولى من الزواج في ظل إهمال من قِبَل زوجتي من جميع النواحي: من حيث البيت، والطبخ، حتى العلاقة الزوجية، ولكني قدرت أننا ما زلنا في مقتبل العمر، ونحتاج إلى الوقت للنضج.

انتقلتُ إلى ولاية أخرى لغرض الدراسة، وعادت زوجتي إلى بيت أهلها، طلبتُ من والدتها أن تبدأ بتعليمها بعض الأكلات، وبعض أمور المنزل، ومضى عام كامل ولم تتعلم شيئًا.

عدتُ من الدراسة بعد سنة، وعشتُ معها سنة ثانية في منزل أهلها، ومع الأسف، لم تتعلم أي شيء أيضًا، وكان هناك إهمال غير طبيعي على جميع المستويات، ومع ذلك، عذرتها لأنها كانت في بيت أهلها، ولا توجد خصوصية، وكانت دائمًا تعدني بأنها ستتغير عندما ننتقل إلى منزلنا.

بالفعل، انتقلنا إلى بيتنا الجديد، والحمد لله، وعندما بدأت أطالبها بما وعدتني به، بدأت تظهر عليها علامات الاكتئاب، وبدأت المشاكل، وأصبح الشجار يقع على أتفه الأسباب، كانت تقول إنها تعمل، وتصرف على البيت، وإنها منهكة، وبعد فترة توقفت عن المطالبة، وكررت وعدها بأنها ستتغير عندما تترك العمل، وظل الأمر هكذا لمدة سنتين، حتى جاءت جائحة كورونا، وتركت زوجتي العمل.

عندها، بدأتُ المطالبة من جديد، ولكن أيضًا ظهرت نفس ردود الأفعال: مشاكل واكتئاب من جهتها، لفترة، ثم عدتُ وامتنعت عن المطالبة، ومنذ عام 2020 حتى 2024م، وهي جالسة في البيت بلا عمل ولا دراسة، فقط تمضي وقتها في البيت.

الآن سأوضح لكم طبيعة المشاكل: لا تنظف بيتها إطلاقًا، وأنا مَن يقوم بمعظم أعمال التنظيف، لا تطبخ أبدًا، حتى أبسط الأمور مثل قلي بيضة، وكل طعامنا من السوق أو من عند أهلها، هناك قلة احترام في الحوار، وغالبًا ما ترفع صوتها، علمًا أنني أستجيب لها إن كان رأيها صائبًا.

لا تنام في فراشنا، بل تسهر طوال الليل على الأرجيلة، والتلفاز، أو الهاتف المحمول، وتنام فقط بعد أن أخرج من المنزل، سألتها عن سبب ذلك، فأجابت: أنها لا تستطيع النوم ليلًا، وأنها اعتادت ذلك منذ صغرها، والعلاقة الزوجية شبه معدومة، ولا تحدث إلا في فترة الحمل، وتكون سريعة، لأنها ترغب في العودة إلى السهر بعدها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يبدو من الوصف الذي قدمته، أنك تواجه عدة تحديات كبيرة في زواجك تتعلق بالإهمال، التواصل، والعلاقة الزوجية بشكل عام، من خلال تحليل الوضع، يمكننا تقسيم المشكلة إلى عدة جوانب، ومحاولة فهم كل منها على حدة:

1. الإهمال في البيت، والواجبات المنزلية:

- من الواضح أن هناك إهمالًا واضحًا من قبل الزوجة، في تنظيف المنزل والطهي، هذا قد يشير إلى عدم اهتمام، أو ربما نقص في المهارات اللازمة، أو حتى فقدان الدافع للقيام بهذه الأعمال.

- إذا كانت الزوجة قد وعدت سابقًا بالتغيير ولم يحدث أي تقدم، فقد يكون ذلك إما بسبب قلة الإرادة، أو ربما وجود مشاكل نفسية تمنعها من الالتزام.

2. قلة الاحترام والمشاجرات:

- رفع الصوت والتشاجر عند مناقشة الأمور، يشير إلى نقص في التواصل الفعّال بينكما، قد تكون هناك مشاعر سلبية متراكمة من كلا الطرفين، لم تتم معالجتها.

- قلة الاحترام في النقاشات، يمكن أن يكون نتيجة للشعور بالإحباط، أو عدم الرضا من جهة الزوجة، أو ربما تعبيراً عن مشاعر داخلية، لم تتمكن من التعبير عنها بطرق صحية.

3. قلة العلاقة الزوجية:

- العلاقة الزوجية شبه المعدومة تعتبر علامة على وجود توتر، أو برود عاطفي بينكما، من المهم فهم السبب وراء هذا الأمر، هل هو ناتج عن مشاكل نفسية؟ أو عدم الرغبة؟ أو ربما مشاكل جسدية، أو عاطفية أخرى؟

4. السهر والتفرد بالنوم:

- عادة السهر والانعزال قد تكون ناتجة عن اضطرابات نفسية، مثل: الاكتئاب، أو القلق، السهر وعدم القدرة على النوم ليلًا، قد تكون علامات على وجود مشكلات داخلية تعاني منها الزوجة، ولم تجد طريقة للتعامل معها بشكل صحي.

5. الأسباب المحتملة:

- من الممكن أن تكون هذه السلوكيات ناتجة عن اضطرابات نفسية، مثل: الاكتئاب، القلق، أو حتى نوع من أنواع الاضطرابات الشخصية، من الواضح أن هناك شعورًا بعدم الرضى، أو ربما فراغًا داخليًا تعاني منه الزوجة.

بعض النصائح في هذا السياق:

- حاول أن تجد وقتًا هادئًا للتحدث معها حول مشاعرك واحتياجاتك، دون اللجوء إلى الانتقاد أو التوبيخ، حاول أن تفهم مشاعرها ودوافعها.

- يُفضل أن تستعينا بمستشار زواجي، أو متخصص في العلاقات الزوجية، ليساعدكما في تحسين التواصل وحل المشكلات.

- قد تكون هناك حاجة لتقييم نفسي من قبل متخصص، للتأكد من عدم وجود اضطرابات نفسية تحتاج إلى علاج.

- لا تنسَ أن تلجأ إلى الله بالدعاء والصبر، واطلب منه الهداية والصلاح لك ولزوجتك، ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ﴾ [غافر ٦٠].

- قراءة القرآن والرقية الشرعية تساعد على تهدئة النفوس، وإيجاد السكينة في البيت، ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَاۤءࣱ وَرَحۡمَةࣱ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ وَلَا یَزِیدُ ٱلظَّـٰلِمِینَ إِلَّا خَسَارࣰا﴾ [الإسراء ٨٢].

قد يكون من المفيد إعادة تقييم العلاقة بشكل شامل، وفهم ما إذا كانت هذه المشاكل قابلة للحل، أم تحتاج إلى قرارات أخرى، مثل البحث عن خادمة تقوم بالأعمال عنها، ومعرفة أن هذا طبعها وتحمل ذلك، والصبر عليه، والله عز وجل سيثيبك على صبرك، المهم هو الحفاظ على نفسك وصحتك النفسية والجسدية أيضًا، خصوصاً أن لديكم أطفالاً، لذلك ننصحك بالعمل بالنصائح السابقة، ومحاولة معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا البرود في الأعمال المنزلية، وحتى البرود في علاقة الفراش.

نحن بدورنا نشكرك على تحملك، وعلى هذا الصبر الكبير، ولا شك أن هذا جزء من العشرة بالمعروف التي أمر الله تعالى بها، نسأل الله تعالى أن يصلح الأحوال بينكما، وأن تستقر حياتكما الزوجية نحو الأفضل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً