الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش فراغاً عاطفياً وأتمنى أن أجد من يحبني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 20 سنة، وأعاني من الفراغ العاطفي، أعلم أني لست كبيرة، ولكني أتمنى أن أجد من يحبني، فأغلب الفتيات في أسرتي بهذا العمر وجدن من يبادلهن مشاعر الحب، ومعظم صديقاتي مخطوبات.

اختار أهلي مصيري وأن لا أكون كالبقية، فأكملت تعليمي وكنت متفوقة، ودرست الهندسة، ودائمًا يقولون: ركزي بتعليمك فقط، حتى أصبحت لا أستطيع المذاكرة، وكسولة، حتى الصلاة أصليها وأنا في حالة من السرحان وعدم التركيز، وبدون خشوع، لدي ذنوب أتوب منها وأعود لها كل مرة.

حينما أرى أي فتاة تخطب أتمنى ذلك لنفسي، أحتاج إلى التوجيه والنصيحة، والدعاء بصلاح الحال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آيات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به، فاعلمي -أيتها المباركة- ما يلي:

أولاً: ما تشعرين به من فراغ عاطفي له أسبابه، ويجب تحديد تلك الأسباب بدقة، حتى لا ننجرف خلف الأوهام، التي تحصر العلاج في الحلال غير المقدور عليه إلى الحرام المتاح، وهذه أولى خطوات الشيطان على ما نبين لك.

ثانيًا: الفراغ العاطفي له أسباب حقيقية، وأخرى وهمية، أما الحقيقية فعلى قسمين:
1- أسباب خارجية: كفقدان حبيب أو قريب، أو ناصح، أو صديقة مقربة لك، أو انشغال الأهل عنك ببعض الواجبات الأخرى.
2- أسباب داخلية: كالفراغ، ضعف التواصل الاجتماعي، أو المطالبة باهتمام يزيد على الحد الطبيعي، وجعلها الحد الأدنى.

وهذا وذاك علاجه يسير:
فالأول: يعالج بالرضا والإيمان بالقضاء والقدر، والاستكثار من الصديقات الصالحات، ومشاركة الأهل همومهم وأفراحهم.
والثاني: يداوى بمعالجة الفراغ، ووضع منهج يراعي الجانب الروحي التديني، من: صلاة، وذكر، وقراءة قرآن، والاهتمام بالدراسة، ووضع منهج لها، وإحسان الظن بالغير، وخاصة الأهل، والابتعاد عن تضخيم الأحداث، وخاصة السلبية.

ثالثًا: الخطر الحقيقي والذي نخشى عليك منه، هو تسلط الشيطان على أفكارك، وإيهامك بأن الفراغ العاطفي منحصر في الزواج، وأن النجاة منه لا تكون إلا بالتعرف على شاب يهتم بك ويسأل عنك، وهذا أول الخلل وبداية الخطر، لأنه يهيئ النفس لقبول ما حرم الله تعالى، ويوهم الذات بأن الخروج من تيه الفراغ العاطفي لا يكون إلا بالحلال غير المتاح الآن، وعليه فلا بد من الحرام أو العلاقة العاطفية التي يوهمك أنها المقدمة الوحيدة للزواج.

وهذا التفسير النفسي من لم ينتبه له وقع في تخبط، لا يدري أوله من آخره، وأسلم قياده للهوى والشيطان، وعلاج هذا ما يلي:

1- الفراغ العاطفي لا يعالج بما حرم الله تعالى.

2- الفراغ العاطفي ليس منحصرًا في الزواج، وإن كان أحد أسباب استقراره، لكن أعظم الفراغ العاطفي هو ترك الروح من غير غذاء إيماني لها، وترك القلب من غير تزود شرعي من التقوى والعمل الصالح، هذا هو أقسى الفراغ الروحي وأشده.

3- الزواج قدر ورزق، وما يصلح لفتاة لا يصلح لأخرى، وقد قسم الله العطايا والهبات على الناس على قدر حاجتهم، ولحكمة يعلمها الله تعالى، والإيمان بذلك يصرف عنك هذا الهاجس الشيطاني الذي يراودك عند كل زواج فتاة من أقرانك.

4- من قدّره الله لك زوجًا فسيأتيك في الوقت الذي حدده الله تعالى، لن يعجل بالمجيء مزيد اهتمام منك، ولن يؤخره انصرافك عنه وانشغالك بما هو واجب عليك.

5- العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه، فلا تظني أن كل من تزوجت صغيرة هي سعيدة، ولا كل من تزوجت كبيرة هي سعيدة، بل في الكل إيجابيات وسلبيات، والعاقل من يسلم أمره لله.

6- اجتهدي في تأسيس بنيان من المحبة قوي، يعتمد على تقوية العلاقة بينك وبين الله عز وجل، وبينك وبين أسرتك، وبينك وبين الصالحات، فإن هذه الثلاثة كفيلة أن توجد عندك التوازن المطلوب.

رابعًا: الكسل الذي أصابك، والخشوع الذي رحل عنك، سببه انشغال القلب والعقل بهذا التفكير الخاطئ، والذي وضعه الشيطان في قلبك، متى ما نزعت هذا الهاجس، وآمنت بأن الزواج بقدر وحكمة، في وقت حدده الله تعالى، وأن أعظم الفراغ هو الفراغ الإيماني، يليه الفراغ الاجتماعي الأسري، وأن بعضه حقيقي يمكن المعالجة، والآخر وهمي يحتاج إلى التصحيح، متى ما آمنت بذلك، واستعنت بالله تعالى، وجعلت لك وردًا ثابتًا من قراءة القرآن والذكر، وخاصة الصباح والمساء وأذكار النوم، وخصصت لك وقتًا في قيام الليل ولو ركعتين، ستشعرين بتيسير هائل في حياتك.

نسأل الله أن يتقبل منك، وأن يصرف عنك خطوات الشيطان، إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً