الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتشفت أن زوجي مريض وأتهم نفسي وأهلي في الموافقة عليه!

السؤال

السلام عليكم.

حالتي النفسية سيئة جدًا؛ فقد اكتشفت بأن زوجي شيزوفريني، ولم أكن أعلم بذلك قبل الزواج، وأسير في إجراءات الطلاق حاليًا، عدا عن ذلك فقد اتهمني بأني غير عذراء، وسارقة، بعد زواج دام عامين وأشهر، وبدون أولاد.

لقد استخرت الله كثيرًا قبل زواجي، ولم نسأل عن الخاطب لا في عمله، ولا في أي مكان، وحالتي النفسية سيئة للغاية، وتأتيني أفكار عن غضب الله علي، وأنه ساخط علي، وأجد صعوبةً في الرضا بقضاء الله، وأتهم نفسي وأهلي؛ لأنهم لم يسألوا عن الخاطب قبل الزواج، فهل هذا من قضاء الله، أم بسبب السذاجة؟

أسألكم الدعاء؛ فأنا في دوامة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

لا يخفى على أمثالك من الفاضلات أن المؤمنة ترضى بقضاء الله وقدره، ونتمنَّى ألَّا تعودي للوراء؛ فالإنسان لا يقول: (لو كان كذا لكان كذا)، ولكن يقول: (قَدر الله وما شاء فعل)؛ لأن (لو) تفتح عمل الشيطان، والشيطان همُّه أن يُحزن أهل الإيمان، ومثل هذه العيوب في الزوج قد يصعب ظهورها حتى مع السؤال، ولذلك أتمنَّى ألَّا تجلبي لذاتك الهم، ولا تُعذبي نفسك بهذا الأمر، واجتهدي دائمًا في اختيار الأصلح لك، واستخيري، وشاوري، ثم بعد ذلك أنت صاحبة القرار، ونسأل الله أن يُعينك على اتخاذ الخطوات الصحيحة، والتي نتمنَّى أن تكون بعد محاولات إصلاح هذا الزوج، وتذكيره بالله تبارك وتعالى، والمحاولات معه، واحتسبي فيها الأجر والثواب من الله تبارك وتعالى.

ونحب أن نؤكد أن علاج الحالة ليس صعبًا، بمعنى أنه بالإمكان إذا وُجدت عنده الرغبة في أن يُصحح مساره، وأن يتعالج من هذا الخلل الموجود عنده، خاصةً إذا وجد منك المساعدة، ونحن نقول: هذا مجرد اقتراح، وأنت تؤدين كل الأسباب التي عليك، وكل ما تستطيعين أن تقومي به.

اتهامات هذا الزوج لك دليل على أنه ربما يريد أن يُخفي ما عنده، ولكن على كل حال: أنت بريئة، ولا يضرّك الكلام الذي يقوله، فاختاري حياتك بهدوء، بالاستمرار أو عدم الاستمرار؛ وهذا قرار أنت تستطيعين أن تصلي إليه، ولكن نتمنَّى أن تسبقه محاولات للتصحيح، ونظر في مآلات الأمور، من كل الزوايا؛ لأن القرار الصحيح هو الذي تسبقه نظرة شاملة، ومحاولات كبيرة في التصحيح والإصلاح.

والذي يهمُّنا هو أنه ما ينبغي أن تجلدي ذاتك، أو تلومي نفسك، أو تلومي أهلك؛ لأنه في مثل هذه الأمور ينبغي على الإنسان أن يرضى فيها بقضاء الله وقدره، ولا يعود إلى الوراء فيها؛ لأن هذا يُتعبه، ولا فائدة في التفكير والندم على شيء مضى قبل سنتين أو نحو ذلك، فلذلك نسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على اتخاذ القرار الصحيح، ونتمنَّى أيضًا أن تُشجّعي زوجك على التواصل، وطلب المساعدة، وحتى نسمع وجهة نظره.

نكرر مرةً أخرى: أنت صاحبة القرار، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخطوة الصحيحة، ولا تشغلي نفسك بالتفكير؛ فهذا ليس من السذاجة، ولكن هذا أمرٌ مضى، والكون هذا ملْكٌ لله، ولن يحدث فيه إلَّا ما أراده الله تبارك وتعالى، فاستقبلي الحياة بأملٍ جديدٍ، وبثقةٍ في ربِّنا المجيد، وحاولي مستقبلاً في اتخاذ القرارات بطريقة أحسن إحكامًا، ونسأل الله لنا، ولك، وله التوفيق، والهداية، والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً