الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عرف أهلي علاقة بشخص فتغيرت معاملتهم لي

السؤال

السلام عليكم

أنا طالبة، قبل سنة تقريباً أحببت شخصاً، وعرف أهلي بهذا الشيء، وقرروا منعي، وكان أخي يحبني كثيراً، لكن منذ أن عرف وإلى اليوم تغير تماماً، صار يقلل من قيمتي، ويجعلني أذكر قصة حب فاشل، إلى أن وصلت إلى مرحلة خسرت فيها نفسي.

ماذا أعمل حتى أرضيهم؟ فأسلوبهم لا أعرف كيف أتعامل معه، وبالأخص أخي؛ لأني أحبه، أريده أن يغير أسلوبه معي، وأحب أن أدرس، ولا أعرف كيف أعمل حتى أسترجع ثقته! ولا أعرف كيف أرجع للدراسة! أرجو أن تساعدوني بأسرع وقت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nwar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا- في موقعنا إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فإننا نحب قبل أن نجيب، نلخص سؤالك بما فهمناه حتى لا نجيب على شيء وأنت تريدين خلافه:

لقد فهمنا -أختنا-:
- أنك لا زلت طالبة.
- أنك أخطأت بالتعرف على شاب لا يحل لك شرعاً الحديث معه.
-أن أهلك قد علموا بهذه الواقعة؛ مما أثر على علاقتك بهم.
-أن أخاك الذي تحبينه أخذ منك موقفاً حاداً، وأصبحت علاقته بك سيئة، وأنك حاولت التقرب إليهم بكل حال، ومع ذلك الوضع على ما هو عليه.
-أنك فقدت الثقة بنفسك ولا تعرفين ماذا تفعلين.

إن كان ما فهمناه صحيحاً فدونك الجواب، يرحمك الله:

أولاً: لا بد من الاعتراف بأن ما قمت به أمر محرم، ولا يجوز لفتاة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تفعل مثل هذا السلوك الذي لا يرضي الله، ولا يرفع قيمتها، وأن ما أنت فيه اليوم هو من شؤم المعصية التي وقعت فيها، لكنا نحمد الله الكريم أن هيأ لك باب الرجعة، وصرف عنك هذا الشر، وفتح لك باب التوبة، وهذا أول الطريق، -أختنا الفاضلة-.

- الطريق إلى مرضاة أهلك لا يكون إلا بإصلاح ما بينك وبين الله، فإن رضي الله عنك أصلح قلوب أهلك عليك، وعليه فالتوبة إلى الله الصادقة، والإقبال على الله عز وجل، والاحتماء بحبل الله المتين، والمحافظة على النوافل والأذكار هو مفتاح التغيير، وعليك البدء به.

ثانياً: اعلمي أنك على خير -أيتها الكريمة- فإن الله إذا أحب عبداً أغلق أبواب المعصية عنه، وإذا أبغض عبداً تركه وما يريد، فالولوج في المعصية من غير رادع دليل على هوان العبد على ربه وسقوطه من عينه.
فقد قيل إن الحسن البصري مر على جماعة من الناس سكارى يشربون الخمور ويرقصون ويضحكون، فلما سأل عن ذلك قال: هانوا عليه فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم، (ومن يهن الله فما له من مكرم) [سورة الحج : 18].

احمدي الله -أختنا- على توبتك مما حدث، وسليه الثبات على الحق، والعفو عما كان منك.

ثالثاً: ردة فعل الأهل هو أمر طبيعي، بل ربما أقل من الطبيعي في بلاد أخرى، وتوبتك إلى الله عز وجل واستمرارك على الطاعة مع طول الزمن كفيل بتغير الحال، لكن نوصيك بما يلي:

1- أحسني إليهم على قدر جهدك تقرباً إلى الله، وطلباً للأجر، وحباً فيهم، لا تفعلي ذلك -أختنا- تحت واقع ما كان، بل افعلي ذلك طلباً لما تريدين من أجر.

2-اعلمي أن نسيانهم لما مضى مرتبط أساساً بنسيانك أنت لما قد كان، وعليه فابدئي بالنسيان، ولا تربطي كل خلاف يحدث في البيت على أنه تذكير لماض زلت قدمك فيه، فإن كثيراً من البيوت يحدث فيها مثل هذه الاختلافات، بل نقول لك حتى إذا حاول أحد تذكيرك بما كان فتغافلي، وكأنك لم تفهمي، وثقي أنه مع مرور الوقت ستخف هذه الحدة.

3- كوني واضحة تماماً في البيت، ولا تخفي شيئاً عن أحد، ولا تتعمدي أن تكون لك أسرار تثير الريبة في قلوبهم، بل اجعلي حياتك صفحة بيضاء، يراها جميع أهلك من دون خوف، فإن هذا يعيد الثقة المفقودة رويداً رويداً.

4- اجتهدي في التعرف على بعض الأخوات الصالحات على أن يعرف أهلهن أهلك والناس تتحدث عنهم بخير؛ فإن هذا مما يثبت قلبك، ويعيد ثقتك إلى نفسك.

5- جدولي مذاكرتك واجعلي لها وقتاً، ولا تتنازلي عن الدرجة النهائية إن كنت تحسنين الوصول إليها، واجعلي هذا هدفاً أساسياً، وابذلي في سبيله الجهد والتعب.

6-ابدئي حفظ ما تيسر من القرآن ولو صفحة كل يوم، واجعلي القراءة فيه ورداً يومياً.

أكثري من الدعاء أن يصلح الله ما بينك وبين أهلك، وأن يقوي إيمانك، وأن يثبتك على الحق، وثقي أن الله سيستجيب دعاءك.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً