الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج بمن أحببت ولكنني أخشى رفض أهلي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 26 سنة، كنت أتعامل مع فتاة في العمل وأعجبت بها وبأخلاقها، وبلباسها، واستمر إعجابي بها لمدة سنة، ولم أتحدث معها في شيء، إلا بعد تجهيز الشقة، وكنت قلقًا من رفضها بسبب هذا، وطلبت مني اللقاء للتحدث عن موضوع ما يخصها، وأخبرتني بأن والديها كانا يعاملانها بأسلوب مختلف عن أخواتها، فهما لا ينفقان عليها، ولا يعتنيان بها، ثم بعد ذلك أهملاها واستغنيا عنها لأشخاص آخرين تكفلوا بتربيتها، حتى كبرت وتعلمت وتخرجت، وأحبت العائلة التي تكفلت بها، وكرهت أهلها، ولا تريد التحدث معهم مطلقًا، ولا تريدهم في حياتها، في المقابل أهلها لا يسألون عنها، حتى إخوتها بعضهم يحبونها والبعض الآخر لا.

وقد أعجبت بها وبخلقها، وأرى أنها مسؤولة، وسوف تتحمل معي أعباء المعيشة، وتعينني في الحياة، والالتزام بالدين.

أريد رأي الدين في هذا، وماذا أفعل إذا رفض أهلي؟ وأريد أن أعرف الرأي الشخصي لديكم في هذا الموضوع، مع الاعتبار أني تأكدت من صدق كلامها وسألت جيدًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك في دينك ودنياك، إنه جواد كريم.

الأخ الكريم: لا يخفاك أن الإسلام وضع معايير لاختيار الزوجة الصالحة، وأهم هذه المعايير: الدين والخلق، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك حين استعرض أصناف الناس في اختيار المرأة، فقال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".

فالمرأة الصالحة -يا أخي- من نعيم الدنيا ومن كنزه المدخر، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبركم بخير ما يكنــز المرء؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر اليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته" وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل، خيراً له من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله".

ونحن نحمد الله إليك إرادتك الخير، ونسأل الله أن يتم عليك نعمة الزواج من صالحة برة تقية.

أخي الكريم: القصة التي ذكرتها أنت أدرى بها، وانت أعرف بحقيقتها، ولذا فجوابنا هو بناء على تأكيداتك أنها حقيقية لا شائبة فيها، وعليه فنرجو أن تنتبه لما نقوله:

أولاً: من حيث الأصل فالفتاة لا يعيبها ما حدث معها، وليست مسؤولة عنه، بل على العكس قد يكون هذا حافزاً إيجابياً لك، وقد تكون هي من أسعد الناس بك، لأنها ستحتمي بك وتحافظ عليك، وستجتهد في استدراك ما حدث معها، وتبذل أقصى ما عندها للحفاظ على مكتسباتها.

ثانيًا: لا بد حتى يكون الزواج صحيحًا من موافقة ولي أمرها الحقيقي الذي أنجبها، أو وكيله، فإن رفضت الزوجة لأي سبب، فلا يصح الزواج إلا في حالة واحدة، وهي أن تذهب إلى القاضي فيكون وليها ومن ثم يزوجها هو، وعليه فأنت في هذه النقطة أمامك خياران:
- إما التواصل مع والدها الحقيقي، لأخذ الإذن بالزواج وتوكيل من رباها.
- أو الذهاب للمحكمة، وطلب الفتاة من القاضي أن يكون وليها من رباها.

ثالثًا: التعامل مع أهلك لا ينبغي أن تفترض الأسوأ، أو تفترض عدم اقتناعهم؛ فإنهم متى ما علموا صلاح البنت وتدينها، ورغبتك في الزواج منها، وظهر لهم كريم أخلاقها، فلن يقفوا -إن شاء الله- حجر عثرة في طريقك، فأمّل في الله خيراً.

رابعًا: إن حدث واعترض البعض، فإننا نرجو منك ما يلي:
1- لا تأخذ موقفًا عنيفًا أو حادًا.
2- لا تظهر لهم شدة إصرارك، أو أنك قد تخالفهم لتحظى بها.
3- استمع إلى كل الملاحظات بهدوء.

ومن ثم راسلنا ونحن سنخبرك بما ينبغي عليك فعله -إن شاء الله- ولا تقدم على أي شيء يخصك إلا بعد استشارة واستخارة، وثق أن الخير بعدها بأمر الله.

نسأل الله أن يكتب أجرك، وأن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يبارك لك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً