الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لخطبتي شاب ذو خلق ضعيف الدين، فما رأيكم؟!

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في البناء المنهجي، ومهتمة بدروس التفسير والحديث، وأحفظ كتاب الله، وأتابع الآن مسارًا لحفظ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وطالبة في كلية الهندسة، هدفي هو خدمة الإسلام، وتعلم أمور ديني، وأن يستعملني الله لخدمة دينه، وأسأل الله أن ييسر لي الطريق.

تقدم لخطبتي رجل، سأل عنه أبي وعن عائلته، فكان الثناء عليه بأنه على خلق، وأهله أناس جيدون، وعندما تحدثت معه وجدت أنه يسمع الأغاني، ويشاهد المسلسلات، وملابسه على الموضة: بنطال ممزق، وأحيانًا شورت، ويلبس إكسسوارات ليس لجلب الحظ -كما يقول-، وهو محافظ على الصلاة، لكن لا يقوم لصلاة الفجر، وعلاقته بالقرآن في رمضان فقط، وباقي العام أحيانًا يستمع للقرآن فقط، ويقول بأنه لا يحب النقاب، وأنه شيء زائد، وأنه حرية شخصية.

وعندما سألته عن هدفه في الحياة: ذكر أهدافًا ماديةً فقط، وعندما سألته هل عنده هدف لنصرة المسلمين؟ قال: بأنه أحيانًا يفكر في ذلك، فليس لديه رؤية واضحة.

أبي وبعض أهل الثقة يقولون: لا شيء كامل؛ فطالما يصلي، وعمله حلال، فهو جيد، وهو إنسان طيب، أما سماعه للأغاني، وارتداؤه للملابس العصرية فيمكنك أن تغيريه، أما إن كنت تريدين شخصًا ملتحيًا، وظاهره الصلاح فلن تجديه، وإن وجد فإنه غالبًا ما يكون متشددًا!

أنا لا أسمع الأغاني، ولا أشاهد المسلسلات، وأكره ملابس الموضة، وأخشى أن أخطئ بالاختيار، فما رأيكم؟ هل أقبل به أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا- المجتهدة والحريصة على الخير، نسأل الله أن ينفع بك عباده والبلاد، ونسأل الله أن يضع في طريقك من يُسعدك، ونسأل الله أن يهدي الشاب المذكور لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

لا شك أن الاستماع للوالدين لونٌ من البرِّ، ولكن مسألة الزواج ما ينبغي أن تكون فيها مجاملة، فأنت صاحبة المصلحة، والالتزام بالدين من الأمور الأساسية التي ينبغي أن ننظر إليها: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلقه –دينه وأمانته– فزوّجوه).

ولذلك أرجو أن تفكّري طويلاً، وأن تُتيحي لنفسك الفرصة، واطلبي من أهلك أن يسألوا عنه، وعن أهله، وعن أخباره، وأن يتعمّقوا في معرفة صفاته؛ لأن الحياة التي تبدأ بالطريقة المذكورة قد يكون فيها صعوبات، وكثيرًا ما تفشل الزوجة في إصلاح الزوج؛ لأنه في الأصل هو القيم على الأسرة، وقد لا يستمع إلى كلامها، ونعتقد أن هناك فارقًا كبيرًا في النواحي الإيمانية، وناحية الهمّة، والهمّ لأمر الأمّة في كثير من الأمور.

ولذلك أرجو أولاً أن تحشدي ما في الشاب من إيجابيات، (ومنها رغبة أهلك في أن ترتبطي به) ثم ضعي إلى جوارها السلبيات، وأكبر السلبيات هي التقصير في الصلاة، والإشكال في المظهر، وهذه كلها من الأمور التي نحتاج أن نقف عندها.

وعليه أرجو أن تعطي نفسك مزيدًا من الفرص، وأن تشاوري محارمك، وأن تستخيري ربك، وإذا كان هذا الشاب بعد ذلك عنده استعداد لأن يتغيّر، فنريد أن يكون هذا التغيير مبكّرًا، وليس بعد الزواج، واجعلي ذلك مهرًا ممن يريدك، وأن يلتزم بضوابط وأحكام هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

لذلك ينبغي للفتاة أن تحرص على مَن يكون عونًا لها على الطاعة، ونتمنّى أن تتعاملي مع أهلك برفق وحكمة، ولكنّنا لا نميل إلى القبول بالشاب المذكور قبل أن يتغيّر، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً