الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدتي أفشلت خطبتي لأنها لا ترغب بالفتاة، فهل أتجاوزها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد أحببت زميلتي في الجامعة حباً خالصاً للزواج، لدرجة أني كنت أخاف من نظراتي عليها، كي لا تكون حراماً، وهي أيضاً أحبتني، واحتوتني، وداوت كل جروحي، وأخرجتني من ظلمات إلى نور، وأرشدتني إلى الصراط المستقيم، فقد كانت كل شيء في حياتي، وقد اعتبرتها أمي، وطفلتي، وصديقتي، وسندي.

ولكني واجهت الكثير من الاعتراضات من قبل عائلتي، وعندما وافقوا ذهبت أمي لخطبتها، ولكن كان في داخلها أن تظهرني في صورة سيئة -قبل أن يصلح حالي-، فأفشلت الخطبة، ومرت أكثر من سنة، وعندما صلح حالي في العمل والدين طلبت منها أن تذهب مرة أخرى واستحلفتها أن لا تعيد الكرة، ووعدتني أن تذهب بقلب صافٍ، ولا تفعل ما فعلته في تلك المرة.

عندما ذهبت أعادت ما فعلت ودمرت خطبتي، وتقول: أهل البنت كانوا السبب، فقد تجاوزوا عليّ، وطردوني، كي لا تقع في مشكلة معي، وكل هذا بحجة خوفها عليّ، وبأن شكل البنت لا يعجبها.

الآن عندما تراني منهاراً على من أحب تتهمهم بأنهم قد سحروني، وتبدأ في الدعاء عليّ بكل أنواع العذاب، وأشكال الموت، وفوق كل هذا -بعد خسارتي الكبرى- أذهب لأمي، وأقترب منها كي أهدئ من أعصابي، لكنها تطردني!

الآن: ما لي غير الله التجئ إليه، ثم أريد أن أعرف: كيف أتصرف مع والدتي؟ وهل يجوز أن لا أطيعها وأتزوج بمن أحب؟ وهل يجوز أن أحتفظ بصورها، لأني لا أقدر على حذفها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mostafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يجمع بينك وبين الفتاة المذكورة على الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.

نتمنى أن تجد من الأخوال والخالات، والعقلاء والفاضلات من أهلك من يتمكنّ من إقناع الوالدة، إذا كانت لك خالة أو عمة تتفهم هذا الوضع، فلا مانع من بعثها وإرسالها إلى أسرة الفتاة، من أجل أن ترمم ما أحدثته الوالدة من سوء تفاهم، وتعيد لك الأمل في الارتباط بها.

زواجك بالفتاة المذكورة أمر جيد، إذا كانت على الطاعة والخير في رضا الله تبارك وتعالى، الفتاة أنت رضيت دينها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (فاظفر بذات الدين)، نتمنى أن تستمر في هذا المشروع، وتجتهد في إقناع الوالدة وإرضائها، مستخدمًا أصحاب الوجاهات من محارم الوالدة، مستخدمًا الدعاة والعقلاء الذين يمكن أن تستمع إليهم الوالدة.

عليك أيضاً أن تزيد من برك للوالدة، فلا تجعل هذه المواقف التي تحصل منها سببًا لعصيانها أو للتمرد عليها، أو للإساءة إليها، فيبقى حق الوالدة؛ لأن البر عبادة شرعها الله تبارك وتعالى، حتى لو كانت الوالدة تأمرك بالكفر بالله، فإنك لا تطعها في المعصية، ولكن بعد ذلك قال العظيم: (وصاحبهما في الدنيا معروفًا)، فالمعاملة الحسنة مع الوالد والوالدة تستمر في كل الأحوال مهما حصل منهما.

لا يلزمك الشرع بطاعتها إذا كان البناء الذي تبني هي عليه ليس له اعتبار شرعي، بمعنى أن الفتاة صاحبة دين وصاحبة خير، وأنت رضيتها ورضيتك، ووجدت ميلًا إليها، وهي وجدت ميلًا إليك، فليس للوالدة أن تقف في طريقك، وعليه: أرجو أن تدير أمرك بحكمة وحنكة، وتجتهد في إقناع الوالدة وتكمل مشوارك في الزواج من الفتاة المذكورة.

ولا تتأثر بكلام الوالدة، فالجمال أنت من تحدده، الوالدة تنظر بعينها وأنت تنظر بعينك والتلاقي أصلًا بالأرواح، وهي جنود مجندة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)، نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً