الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أعرف كيف أتعامل مع حقيقة أني غير متزوجة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرسل لحضراتكم بعدما ضاقت بي السبل، أنا في أواخر الثلاثينات، والله لا أعرف كيف أتعامل مع حقيقة أنني غير متزوجة، هذه حاجة أوجدها الله فينا، والله العظيم أني أبكي ليل نهار، كنت مخطوبة وقلت الحمد لله، وفجأة خطيبي بدون أي مقدمات ترك كل شيء وانسحب دون اعتذار، الناس قالوا إنه سحر وعمل، وما إلى ذلك، لكنني تعبت.

أرقي نفسي يوميًا -الحمد لله-، ومحافظة على سورة البقرة يوميًا والأذكار، وأقرأ الفاتحة 41 مرة و"لا إله إلا أنت سبحانك" 41 مرة على كأس ماء وأشربها، وقد جلبت ورق سدر، وقرأت عليه الرقية، وشربت واغتسلت به، وأصلي -الحمد لله- قيام الليل.

ماذا أفعل؟ دلوني ماذا أفعل؟ والله أتمنى أن أعف نفسي بالحلال، وهذا وعد من الله أن الله مع الناكح يريد العفاف، إذاً ماذا أفعل؟ أدعو كثيرًا جدًا، وأستغفر، وأصلي على النبي لدرجة أنني أحيانًا لا أركز، ثم أتذكر أنني داخل دورة مياه -أعزكم الله- فأسكت.

أعلم أن رسالتي قد تكون غير مرتبة، لكنني متعبة جدًا نفسيًا، وأعلم أن عدم الزواج ليس آخر الدنيا، لكن هذه فطرة الله التي فطرنا عليها (احتياج نفسي وعاطفي وكل شيء).

أنا أرضي الله في تصرفاتي، دلوني ماذا أفعل -بارك الله فيكم-؟ لا تحيلوني على فتاوى أخرى؛ لأنني قرأت كل الفتاوى هنا ولا أعرف ماذا أفعل! وادعوا لي بالزوج الصالح عاجلًا غير آجل.

شكرًا لحضراتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك التواصل وحُسن العرض للاستشارة، ونسأل الله أن يُعجل بالفرج، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يضع في طريقك مَن يُسعدك وتُسعدينه، ويُعينك على طاعة الله وتُعينينه.

سعدنا جدًّا بحرصك على الطاعة والتلاوة والذكر والدعاء، وأنت والله في خيرٍ عظيم، نسأل الله أن يثبتك، ونبشّرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يُستجاب لأحدكم ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل)، قيل: يا نبي الله وما الاستعجال؟ قال: (يقول: قد دعوتُ، وقد دعوتُ، وقد دعوتُ، فلم أر يُستجب لي)، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء، فلا تتركي الدعاء، ولا تُقصّري في السجود والصلاة، ولا تُقصّري في تلاوة القرآن، وحافظي على الأذكار، ورددي سورة البقرة، واقرئي الفاتحة، ورددي الأذكار: (لا إله إلَّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، (لا إله إلَّا الله الحليم العظيم، لا إله إلَّا هو رب العرش العظيم، لا إله إلَّا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم).

وإن كان شيءٌ ننبه إليه فهو: ليس من الضروري أن تربطي ذلك بعدد؛ لأن الأذكار نلتزم بها إذا وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذا قال قولوا هذا الذكر ثلاثًا أو سبعًا أو كذا، نلتزم بذلك، أمَّا غير ذلك فالأمر واسع، استمري في الأذكار بدون حساب وبدون عدد، واعلمي أن ربّنا العظيم يعدُّ لنا الحسنات، والعاقل يعدُّ السيئات حتى يتجنّب ما يُغضب الله تبارك وتعالى، كما قال ابن مسعود: (أنا ضامن لكم أنه لن تضيع لكم حسنة عند الله تبارك وتعالى).

والرقية أيضًا فيها خيرٌ كثير، وكثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ممَّا ندعوك إلى التركيز عليه؛ فإن فيها مغفرة الذنوب وذهاب الهموم، كذلك كثرة الاستغفار، والإكثار من: (لا حول ولا قوة إلَّا بالله).

أمَّا بالنسبة لهذا الشاب الذي طرق الباب، ثم فجأة ذهب، فاعلمي أن الخير فيما اختاره الله تبارك وتعالى، واحمدي الله الذي قدّر لك وصرف عنك هذا الشاب؛ لأن الإنسان ينبغي أن يُدرك أن مواطن الخير فيما يُقدّره الله تبارك وتعالى، وقد قال قائل السلف: (كنا نرى سعادتنا فيما يُقدّره الله تبارك وتعالى)، دائمًا المؤمن ينبغي أن يُدرك هذا المعنى العظيم.

ثالثًا: نحن نقدّر الاحتياج الفطري، ونقدّر أهمية أن يكون للفتاة مَن يُسعدها وتُسعده، وتعينه على الطاعة ويُعينها، ولكن لكل أجل كتاب، فأرجو أن تستمري فيما أنت عليه من الطاعات، وزيدي من ذلك، وستجدين خيرًا كثيرًا أمامك بإذن الله تعالى، ونوصيك بإبراز ما عندك من خير وجمال بين جمهور النساء، وكوني حاضرة في المحاضرات وفي التجمُّعات الخيرية والفاضلة للنساء؛ لأن لكثير من النساء ولكل امرأةٍ حاضرة تبحث عن أمثالك من الفاضلات لابنها أو لأخيها أو لخالها أو لعمِّها، وهذا جانب من الأهمية بمكان، فإنا لا نريد للفتاة الرائعة المصلية أن تعزل نفسها عن جمهور النساء.

كذلك أيضًا استمري في الدعاء والتوجه إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، والحمد لله أنت على خيرٍ كثير، وفي خيرٍ كثيرٍ بطاعتك لربِّنا القدير سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن يُعجل لك بالخير، ونسأله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يُلهمك السداد والرشاد، ونكرر الترحيب بك في موقعك، ونسأل الله لنا ولك الثبات والسداد والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً