الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت الثقة بنفسي وبزوجي بسبب خيانته!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة منذ١٢سنة، وعندى طفلان، وزوجي رجل يعمل في مجال التليفونات، ويصرف على البيت والأولاد بما يرضي الله، وأولادي يحبونه جداً، والفترة الأخيرة علاقتنا كانت ضعيفة، بسبب انشغاله الزائد عنا في العمل، ومع أصدقائه في القهوة.

تكلمت معه في هذا الأمر كثيراً، ولم أجد جدوى من الكلام، فقررت الابتعاد عنه، وأن أعيش مهتمة بأولادي فقط، وفعلاً انفصلت عنه من ناحية المشاعر، ولا أتصل به، ولا أسأل عنه إن دخل وإن خرج، ولا أتكلم معه؛ فساءت العلاقة بيننا أكثر.

في أحد الأيام فتحت هاتفه، وسمعته يتكلم مع امرأة ويمدحها، وهي تمدحه، ومن المكالمة فهمت أنهما في علاقة مع بعض، واتصلت بها لأعرف من هي، فقالت إنهما أصدقاء فقط، وإنها ستقطع كل علاقتها به.

حين واجهته وطلبت الطلاق منه اعتذر كثيراً، وقال إنه كان سينهي العلاقة بها، وبأنه أول مرة يعمل ذلك، وكان معترفاً بخطئه، وهي متزوجة، وأقسم على كتاب الله أنها آخر مرة، وسيقطع علاقته بها تماماً.

كما وعدني بأنه سيترك السهر خارج البيت، ولا يكرر خطأه، بينما أنا لا أقدر أتخطى الموقف، وصرت مكتئبة، وطول اليوم أفكر في الكلام الذي سمعته، وأحس أن قلبي انكسر، وأهملت بيتي وأولادي ونفسي، ولا أفكر إلا في هذا الأمر، وأسأله عنها كيف عرفها؟! وفي ماذا كان يتكلم معها؟ ولماذا تكلم معها؟ وهو في كل مرة يعتذر، ويؤكد لي أنه كان سينهي العلاقة معها، وأنهما أصدقاء، وهي التي اتصلت به.

انصحوني كيف أتجاوز الألم النفسي؟ فأنا غير قادرة على النسيان لذلك، ولا أسمح له، وماتت عندي الثقة فيه وفي نفسي، وأحس بالحسرة، وكسر القلب.

ماذا أعمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نحن نُدرك -ابنتنا العزيزة- مدى الألم النفسي الذي تعيشينه بسبب هذا الموقف الذي حصل من زوجك، ولكن ينبغي لك أن تنظري إلى الجوانب الإيجابية في الموضوع برمته، وألَّا تسمحي للمشاعر السلبية أن تسيطر عليك فتُنسيك ما يمكن استغلاله لإصلاح الحال، فإننا نرى أنه رغم هذا الألم الذي تحسّين به إلَّا أن هناك أموراً كثيرة ينبغي أن تكون سببًا للاستبشار والفرح والتطلع إلى ما هو أحسن وأجمل من هذا الواقع الذي أنت فيه، وهذا ما ينبغي للإنسان المسلم -الرجل والمرأة- الحرص عليه، فقد قال ﷺ: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).

لو سمحتِ لهذه المشاعر السلبية أن تسيطر عليك ودمّرت حياتك؛ فإنك لن تجني من ورائها شيئًا، وستعيشين آلامًا وحسرات، وستضيعين نفسك وأسرتك، والشيطان حريص كل الحرص على أن يصل بك إلى هذه الحال، فإنه حريص على إحزان الإنسان المسلم، وأن يعيش مكدّر الخاطر، مُشتّت الذهن، يائسًا من الحياة، فقد قال الله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [المجادلة: 10]، بينما يدعوك الله سبحانه وتعالى إلى الاستبشار والتطلع إلى ما هو جميل، والنظر إلى المستقبل بنظرة تفاؤلية.

الذي يُعينك على تحصيل هذه المصالح والنظر بهذا النوع من النظر الإيجابي؛ هو أن تتفكّري في الجوانب الجميلة والإيجابية في موضوعك مع زوجك، فأوّل هذه الجوانب أن هذا الزوج لا يزال يُكِنُّ لك الاحترام والمودة، ويضرب حسابًا كبيرًا لغضبك، ويُقِرُّ بأنه أخطأ، وأنه متراجع، وأنه لن يُكرّر هذا الخطأ، فهذه الجوانب كلُّها جوانب إيجابية مُهمّة، فإن كثيرًا من الأزواج الذين يقعون في نفس هذه الأغلاط والأخطاء يُصِرُّون على أخطائهم، ويُكابرون، ويمتنعون عن الاعتذار أو الاعتراف بأنهم أخطؤوا.

نصيحتنا لك أن تستغلي هذا الجانب، وأن تعودي إلى معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه المواقف من الزوج، وأولها ما حصل منك من جفوة له، وربما فرّطت فيما ينبغي أن تفعليه من حُسن التبعُّل والتجمُّل لزوجك، ولو بالضغط عليه لتفريغ بعض الوقت لك وللأبناء.

نصيحتنا لك - أيتها الكريمة - أن تُدركي بأن الأمر قابل لأن يسوء أكثر ممَّا هو عليه، وقابل أيضًا لأن يتحسّن ويرجع إلى خيرٍ ممَّا كان عليه، وهذا كلُّه مربوط بما ستتخذينه أنت من قرارات وما ستمارسينه من التدابير.

نصيحتنا لك أن تُدركي بأن الإنسان خطَّاء، وقد قال النبي (ﷺ): (كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوّابون) وأن كلّنا يمكن أن يقع في الغلط، ولكنّ الله تعالى فتح لنا باب التوبة للإصلاح والتغيير.

ثانيًا: ينبغي أن تُدركي بأن الرجل كثير التطلع والنظر في النساء، فإن لم يجد ما يُغنيه من زوجته فإن الشيطان يُغريه بغيرها، فحاولي أن تعودي إلى زوجك، وأن تحرصي على إغنائه والقيام بحقوقه، وأن تجعلي من هذا الحدث سببًا للعتاب لتصحيح الأخطاء من جانبك.

ثالثًا: اجتهدي في التوجُّه إلى الله سبحانه وتعالى في أن يحفظك وأسرتك وزوجك، وحافظي على حدود الله سبحانه وتعالى، فإن حفاظك على حدود الله من أعظم أسباب الحافظ على نعم الله تعالى عليك، ومنها نعمة الزوج ونعمة الأولاد.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً