الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أغير حياتي التعيسة، وأتوب من المعاصي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بعمر 20 سنة، عائلتي مكونة من 3 أفراد، أنا وأبي وأمي، أحياناً أشعر بالإهمال من طرفهما في تربيتي، فلا أتذكر أبي متى أمرني بالصلاة، أو حدثني في أمرها، ولكن أمي كانت تكلمني في أمر الصلاة فقط لمرات قليلة، وبدون حرص، وأمي تصلي وأبي لا يصلي.

أنا إنسان انطوائي منعزل حتى عن الأقارب، ليس لدي أصدقاء حقيقيون، ولا أعرف التعامل مع الناس، أعاني من الخجل، وفرط التفكير، وأعتقد أن ذلك راجع لتربية أمي الخاطئة، صراحةً هذا فقط تعريف عن نفسي وحالتي.

أتذكر حين وقعت عيني على الأفلام الإباحية منذ كنت في الـ 13-14 من عمري، ومن حينها أدمنت العادة، وحاولت عدة مرات التقليل منها، وممارسة الرياضة وإشغال نفسي، لكن مهما حاولت فإني أرجع لتلك المواقع والعادة، والأمر أصبح أكثر سوءًا منذ 3 سنوات.

فشلت في سنتين في دراستي (البكالوريا وأولى جامعة) وشعرت أني ضائع وبعيد عن هدفي الحقيقي (عبادة الله والنجاح في حياتي)، وفي تلك السنوات أيضا تعلقت بلعبة، كلما أشعر بالحزن أقوم بممارسة هذه اللعبة، حتى أنسى، ووصل الأمر إلى إنفاق المال فيها.

روتيني اليومي حاليًا: النوم والأكل واللعب فقط، وحاليًا أحاول الإقلاع عن العادة والأفلام، لكن أعرف أن النتيجة لن تتغير، أريد الخروج للعالم، وأبحث عن وظيفة، لكن ليس لدي علاقات، وليس لدي خبرات، وحتى مستواي الدراسي ليس بالمستوى الجيد.

أريد التوقف عن العادة ولكن لا أستطيع، وأريد التوقف عن مشاهدة الأفلام، لكن لا أستطيع، وأحيانًا ألوم والديّ لتقصيرهما، وأحيانًا ألوم نفسي التي لا تستقيم، ماذا أفعل؟ أشعر أن حياتي تضيع، وأخاف من المستقبل، فلا مال ولا زواح ولا سيارة، فما السبيل إلى التغيير؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معاذ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والإعانة، ونحن نرى -أيها الحبيب- أن إفاقتك من هذه الغفلة، وشعورك بحاجة إلى التغيير، هذا أمر إيجابي غاية في الإيجابية، وأمر مهم جدًا، وهو بداية الطريق وبداية اليقظة.

نأمل -إن شاء الله- أن تستغل هذا الشعور نحو اتخاذ خطوات إيجابية بالفعل نحو التغيير، والتغيير أمره سهل جدًا، فإذا استعنت بالله سبحانه وتعالى، وعزمت العزم الصادق، وأخذت بالأسباب، وبدأت الخطوات؛ فإنك ستجد نفسك قد غيرت كثيرًا من حياتك نحو الخير والإيجابية والنفع.

ظهر لنا من كلامك -أيها الحبيب- بأن لديك قدرة على أن تنفق بعض الأموال، في تأهيل نفسك وتطويرها بما ينفعك في حياتك، وظهر لنا من كلامك أيضًا أن الوالدين على استعداد لإعانتك، فكل هذه المؤهلات تيسر لك -بعون الله تعالى- مهمة التغيير، ونصيحتنا لك تتلخص في النقاط التالية:

أولًا: ينبغي أن تخرج من عزلتك، وتحاول التعرف على الناس الطيبين من الشباب، وأنت في بلد مسلم وفيه الكثير من المساجد، فأول البيئات التي تستطيع أن تتعرف فيها على الطيبين هي المساجد، وبذلك تُغيِّر حياتك النفسية والروحية والاجتماعية.

ثانيًا: ينبغي أن تحاول ملء الوقت بالشيء النافع، وهذا بالنسبة لك أمره سهل يسير، فهناك الكثير من مجالات الدراسة والتعلم، وترقية النفس، وتأهيل الذات، بأنواع الدورات العلمية والوظيفية، التي تتناسب مع سِنِّك، وتناسب ميولك واتجاهاتك، فحاول أن تبحث عن القنوات التي من خلالها تسلك إلى تأهيل نفسك وتغيير حياتك، وتختار المجالات التي فيها منفعة لك.

ثالثًا: استرشد المعلمين والمدرسين في مدرستك، واستفد من خبراتهم وعاملهم معاملة الآباء؛ فإنهم سيعاملونك معاملة الابن، وحاول أن تستفيد من خبراتهم في توجيهك، نحو تحقيق أهدافك في حياتك من خلال الدراسة.

رابعًا: من ناحية السلوك الخاص بك، فإن خير ما يعينك على تغييره أن تتذكر دائمًا، وأن تكثر من سماع المواعظ التي تذكرك بالجنة وما فيها من الثواب للطائعين، والنار وما فيها من العقاب للعاصين، فتقوية الإيمان في قلبك سيبعثك -بعون الله تعالى- نحو مزيد من الالتزام والبُعد عن المعاصي.

إذا سلكت هذه الخطوات في أول أمرك -أيها الحبيب- فإنك ستشعر بأنك تتجه نحو الأحسن، وستشعر بأن التغيير أمر سهل ممكن، ليس بالعسير، وخير ما نوصيك به اللجوء إلى الله تعالى، والإكثار من دعائه واستغفاره، وأن تطلب منه العفو والمسامحة والمغفرة لما سبق في حياتك، وستجد ربك غفورًا رحيمًا، يفتح لك الأبواب ويسهل لك الطريق.

نسأل الله تعالى أن يتولى عونك، وأن ييسر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً