الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش غربة الدين في وسط غفلة من المجتمع.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة في سن الزواج، وبدأ الرجال يتقدمون لي، لكنني أعيش في قرية، يتصف معظم الشباب فيها بأنهم يدخنون السجائر، ولا يصلون، ويسمعون الأغاني، حتى أخي مثل باقي الشباب، ووالدي -هداهما الله-.

وأنا لا أرغب في التنازل عن أهم شرطين في الرجل الذي يتقدم لي: الصلاة وعدم التدخين، أحاول دائمًا أن أحافظ على التزامي، وأبتعد عن الحرام بقدر استطاعتي، كما أنني أرتدي الخمار، وأنا الوحيدة في عائلتي على هذا النهج.

أنا لا أريد أن تشغل الموسيقى والمعازف في خطوبتي أو زفافي، لأنني لا أستطيع تحمل وزر هؤلاء الناس جميعًا، ولا أميل إلى الرقص والتصرفات غير الجادة في الزفاف، حتى لو كان ذلك بين السيدات فقط.

كما أنني أشعر بالغربة وسط أهلي وفي بلدي، فالعادات لدينا قائمة على الفرح بالمعصية، وما يزيد الأمر صعوبة هو عدم التزام أهلي، فوالدتي غير منتقبة، ووالدي غير ملتحٍ، وأخي كسائر الشباب.

أنا لا أريد التنازل عن شرطي في الزواج من رجل يكون أعلى مني إيمانًا، ويفهم الدين، لكن كل من تقدموا لي سمعت أهلهم يقولون: نريد أن نفرح بكما، وأشعر بنفس الوقت أني لو انتظرت الرجل المناسب فلن يأتي أبدًا!

حالتي النفسية سيئة، وأرغب بالزواج من شخص صالح، خاصة وأني افتقدت حنان الأب والأخ، ولا أريد الزواج من رجل يدفعني للمعاصي، فماذا أفعل؟

كل من يقال عنهم أنهم ملتزمون، ليسوا كذلك في الحقيقة، بل يدعون الالتزام، بينما يعاملون زوجاتهم معاملة سيئة، ويحرمونهن من كل شيء، فتصبح المرأة شخصية معقدة بسببهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا التميُّز، ونسأل الله أن يضع في طريقك صاحب دينٍ يُسعدك وتُسعدينه، وتُعيننه على طاعة الله، ويُعينك على ما يُرضي الله.

سعدنا بفكرة الاستشارة، ونسأل الله أن يُهيئ لك الخير، ويُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به، ونحب أن نؤكد أن الإنسان في مثل هذه الأحوال ينبغي أن ينظر في أفضل مَن يتقدم، انظري بمَن عنده استعداد في أن يتحسّن، ولا شك أن هذا موجود، يعني: هذا سيُوجد، وإذا علم الشباب أيضًا أنك تطلبين صاحب الدّين، فسيأتيك مَن يُناسبك -بحول الله وفضله ومَنِّه-.

ونتمنّى دائمًا أيضًا أن تنظر الفتاة بمن حولها، وإذا كان في بعض الشباب نقص، فننظر في الجوانب الأخرى؛ لأننا أيضًا بشر، والنقص يُطاردنا رجالًا ونساءً، ويصعب على الفتاة أن تجد شابًّا بلا عيوب، كما يصعب على الشاب أن يجد فتاة بلا عيوب، فمن الذي ما ساء قط؟ ومَن له الحسنى فقط؟

لذلك الشريعة تريد أن يستصحب الإنسان أيضًا هذا المعيار، ونحن نكرر لك الشكر على هذا، ولكن الذي يُخيفنا أنك تقولين: جميع الشباب هكذا، وبالتالي قد نحتاج إلى تقديم بعض التنازلات، ليس في الأمور الأساسية؛ فمثلًا: مسألة الصلاة لا يُقبل التنازل فيها، لكن التقصير في بقية الأمور التي ليست في العقيدة، يعني إذا كانت العقيدة سليمة، والشاب يُصلي لله تبارك وتعالى، فيُتوقع أن يكون هناك نقصٌ يمكنك احتماله، لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والدّين هو المقصد المطلوب، وعندما نقول: الدّين، نعني الأساسيات، وإلَّا فالقصور والنقص موجود في سائر البشر رجالًا ونساءً.

عمومًا نتمنّى أن يتفهّم من حولك ذلك، ونتمنّى أن تجدي في العمّات والأعمام، أو في الخالات والأخوال مَن يتفهّم حاجتك، ويكون لسانًا لك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يضع في طريقك مَن يُسعدك وتُسعدينه.

واعلمي أن الدين لطف، والدين يُسر، والدين نُصح وتناصح، والدين خير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يضع في طريقك مَن يُعينك على طاعة الله، ونكرر لك الشكر، ولا نُؤيد تكرار ردّ الخطّاب، ولكن القبول بأفضل الموجود، والاستعانة بالله؛ لأن المرأة أيضًا إذا كانت صاحبة دين تستطيع أن تُؤثّر على زوجها تأثيرًا إيجابيًّا.

فنسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً