الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي رهاب اجتماعي حين أتكلم أمام الناس، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود من الدكتور/ محمد عبد العليم أن يفيدني، فأنا شابة في منتصف الثلاثينيات من العمر، أعمل في مجال التعليم.

لدي مشكلة وهي الرهبة والخوف والارتباك، وكذا التعرق عندما يطلب مني أن أتكلم أمام زملائي، وأعراض (برزينتيشن) أثناء التدريب في القاعة المخصصة.

لا أخاف حين أكون قاعدة وأحضر معهم، لكن عندما يأتي الدور علي لكي أتكلم ينتابني الخوف والرعب، ودقات قلب سريعة!

نفس الشيء حصل لي عندما كنت في مقابلة (إنترفيو) بإحدى الشركات التعليمية المخصصة للسفر، وعندما أتى علي الدور، وطلب مني أن أقوم وأشرح درساً أمام الحضور، أصابني ارتباك وعرق وخفقان بالقلب وتشتت، لدرجة أني تركت المقابلة، وخرجت من شدة الأعراض.

لقد تعبت كثيراً من مثل هذه المواجهات، أما بقية أموري في الحياة فطبيعية، أسافر وأتسوق وأحضر مناسبات الزفاف، لكن المشكلة عندي في ما ذكرته لكم.

أفيدوني، أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aylin حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذا الذي تعانين منه يُسمّى بقلق أو رهاب الأداء، بعض الناس حين يقدمون على فعل بعض الأشياء في وجود الآخرين تأتيهم حالة من الرهبة، ومن أكثر الأعراض شيوعًا في هذا السياق هو تسارع ضربات القلب، والخوف، وربما التعرُّق واحمرار الوجه، وبعض الناس قد يحس بأنه سيفقد السيطرة على الموقف، ممَّا يجعله أكثر خوفًا ورهبة، وطبعًا يحدث أيضًا تشتُّت في التركيز.

الحالة هذه بسيطة -أيتها الفاضلة الكريمة- أنا أريدك أن تُعرّضي نفسك لهذه المواقف في الخيال، بمعنى أن تجلسي في مكان هادئ داخل الغرفة، وتتصوري -وبجدية تامَّة- أنك كنت في لقاء واجتماعٍ مُعيّن، وطُلب منك القيام بشيءٍ ما، وتُحددي هذا الشيء -مثلًا-: اجتماع (برزنتيشن) ويجب أن تكوني عميقة الخيال، هذا مهمٌّ جدًّا، عمق الخيال والتدبُّر وأخذ الأمر بجدّية من أفيد الوسائل العلاجية لما يُسمّى بمنهج التعرُّض في الخيال. إذًا هذا ضروري بالنسبة لك.

ثانيًا: أرجو دائمًا أن تكوني في الصفوف الأمامية في كل شيء، حين تُلبين الدعوات مثلًا حاولي بقدر المستطاع أن تكوني في الصفوف الأمامية، أن تتفاعلي مع مَن حولك من النساء، هذا أيضًا ضروري جدًّا.

ثالثًا: سيكون أيضًا من المفيد لك أن تتعلمي تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرّجة، مهمّة جدًّا ومفيدة، وإسلام ويب لديها استشارة رقمها: (2136015) بها توضيح مبسّط لكيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، فأرجو أن تتبعي التعليمات الواردة في الاستشارة المُشار إليها، وأسأل الله أن ينفعك بها.

رابعًا: من المهم جدًّا، حاولي قدر المستطاع ألا تقعي في ما نُسميه بالخوف التوقعي، فبعض الناس الذين يُعانون من رهاب الأداء تجدهم مشغولين جدًّا بالحدث قبل وقوعه، أي قبل المواجهة تجدهم لفترات طويلة جدًّا منغمسين في تفكير سلبي، ويوقعون بأنفسهم الهموم، وهذا إشكالية، تجاهلي الموضوع تمامًا، والحمد لله أنت لست بأقل من الآخرين في أي شيء.

خامسًا: سيكون من الجميل أيضًا الانضمام إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن، لأن تلاوة القرآن أمام الآخرين تُساعد كثيرًا على الانصهار النفسي الإيجابي، وهذا ينتج عنه -إن شاء الله تعالى- اختفاء تام لقلق أو رهاب الأداء.

بقي أن أقول لك: من الأفضل لك أن تتناولي أدوية، أدوية بسيطة جدًّا وسليمة وغير إدمانية، الدواء الأول اسمه (سيرترالين، Sertraline) أريدك أن تتناوليه بجرعة صغيرة جدًّا، الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، ابدئي بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) يوميًا، لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أمَّا الدواء الثاني يُسمَّى (اندرال Inderal) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (بروبرانولول Propranolol) هذا أريدك أن تتناوليه بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناوله.

ليس هنالك ما يمنع أن تتناولي الاندرال عند المناسبات التي تتطلب المواجهة. تناولي عشرين مليجرامًا ساعة إلى ساعتين قبل وقت المواجهة، أو الوقت الذي ستقدمين فيه مثلًا برزنتيشن، أو خلافه.

إذًا هذا هو الذي أودُّ أن أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً