الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي لم يقف معي رغم بري وطاعتي له!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته.

أنا شخص مهتم برضا الله، وأتقيه ما استطعت، وأحافظ على فروضي ونوافلي -والحمد لله-، وأبر أبي وأمي، وأصل رحمي.

أعمل صيدلياً، وأبي طبيب، وعمره حوالي 67 سنة، طوال عمري وأبي يتجنب الحوار معي، أو السؤال عني أنا وأختي؛ من منطلق عدم التورط في مساعدتنا بمال أو بجهد، بالرغم أننا نبره ونعامله كما أمرنا الله!

وصل الأمر لدرجة أنه لم يدخل بيتي بعدما تزوجت منذ 5 سنوات، أو بيت أختي، ولا يعرف عناوين بيوتنا، بالرغم من إلحاحنا عليه لكي يأتي ويقضي معنا بعض الأيام، ولكنه يرفض بحجة عمله، مع العلم أن عمله لا يتجاوز 3 ساعات يوميًا.

خلال سنوات حياتي العملية سافرت للعمل خارج موطني لمدة عامين، حدث خلالها لي مشاكل، ولكنه لم يسأل عني أبدًا، أو حتى يلقي السلام! وفي الفترة الأخيرة حدثت لي مشاكل زوجية، ونجم عنها أن أصهاري ظلموني واستضعفوني لعلمهم أنني بلا ظهر في الحياة، فليس لي أخ، أو صاحب، وأبي لا يتحمل حتى مسؤولية الجلوس معنا لحل الخلافات وقت الحاجة إليه.

ونظرًا لأنهم 3 إخوة يعملون بالجيش، ولهم سطوة، وقريب مستشار بالقضاء، منعوني من دخول بيتي، وأخذوا مني -بالتدليس- بيتي بمحتوياته، بما في ذلك ملابسي وابنتي بالقوة، وبعدها لجؤوا للقضاء بالاستعانة بمحامي المستشار قريبهم، وأخذوا مني كل ما أملك، وداينوني بمبالغ كبيرة!

المهم أني اضطررت مع الضغوط المادية الهائلة من نفقات وخلافه أن أرجع للعيش مع والدي، ولكنه سرعان ما بدأ بالتذمر من وجودي، وقال لي أني غير مرغوب بي في بيته!

وتطورت المشاكل بيني وبين طليقتي، وأخذوا علي حكمًا بنفقات كبيرة، ورفعوا علي حكمًا بالحبس، ولما عرف والدي قال لوالدتي بالحرف: (دعيه لا يدفع وينحبس أحسن، من أين سيأتي بكل هذه المبالغ).

هل ما يفعله أبي تجاهي أنا وأختي ليس فيه ما يغضب الله؟ وهل تواجدي في بيت أبي وأمي ليس من حقي إذا لم أجد ملجأ؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُفرّج همّك ويقضي دينك، ويجعل لك فرجًا ومخرجًا، ويجعل لك من أمرك يُسرًا.

ونصيحتنا أولًا -أيها الحبيب-: أن تتوجّه إلى الله تعالى بصدقٍ واضطرار، أن ييسّر لك الأمور، وأن يجعل لك فرجًا، وأن تشتغل بهذا عن اشتغالك بحكم والدك وما يفعله أبوك هل هو ممَّا يُرضي الله أو يُغضب الله، فإن هذا السؤال لا يُفيدك الآن شيئًا، لا يُخفف عنك عبئًا ولا يُنجّيك من مضيقٍ.

احرص على ما ينفعك كما أرشدك إلى ذلك النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وحاول أن تتعرف على الوسائل والطرق التي تنجو بها من هذه المشكلات الكبيرة التي تواجهها، فإن كان الإصلاح بينك وبين زوجتك سيدفع عنك بعض هذا الضرر، أو نحو ذلك من الأسباب، فدعْ بحثك يجري فيما هو نافع لك.

أمَّا ما فعله أبوك؛ فإن كان حصل منه تقصير في أيام صِغرك قبل البلوغ، فإن ذلك إثمٌ سيسأله الله تعالى عنه، وننصحك بأن تُسامحه عمَّا كان، وأمَّا ما حصل بعد بلوغك وبعد كِبر سِنّك؛ فإن هذا خارجٌ عن التكليف الشرعي للوالد بأن يقوم برعايتك والإنفاق عليك، فليس لك حقٌّ بعد البلوغ على الوالد، وإن كان هذا ليس هو الحال الأمثل التي ينبغي أن يكون عليها الأب، من الرحمة بالولد ومحاولة إعانته فيما يقدر عليه، ولكن هذا لا يجب عليه، لا يجب على أبيك أن يسدّ عنك ديونك، ولا أن يُنفق على زوجتك.

فإذا عرفت حدود الواجب على الوالد ذهب كثير من الغلِّ والغضب على والدك بسبب مواقفه وتصرُّفاته.

أمَّا قطعه للرحم بعدم التواصل معكم وعدم استجابته لدعواتكم؛ فإن كان بغير عُذرٍ فإنه آثمٌ بذلك، ولكنّه ذنبٌ بينه وبين الله تعالى، وأمَّا الآن فإن لجوءك إلى بيت والديْك -إذا لم تجد مسكنًا تسكنه، وكنت عاجزًا عن توفير المسكن لنفسك- فإنه يجب عليهم أن يقبلوك في بيتهم للسكن عندهم، فإن الولد الكبير إذا كان عاجزًا عن نفقة نفسه بأن بحث عن العمل ولم يجده، وكان الوالد يقدر على الإنفاق عليه في هذه الحالة؛ فإن النفقة واجبة على الوالد.

ومع هذا كلِّه ننصحك بأن تلجأ إلى التودُّد إلى والديْك، والذُّلِّ لهما، وتَعِدهما خيرًا في مستقبل الزمان، وتُذكّرهما بأن الأيام لا تدوم على حال، وأن الله تعالى سيُفرِّج بعد هذا العُسر، ونحو ذلك من الكلام الحسن الجميل، فإن ذلك أدعى إلى أن يرِقَّ قلبيهما لك، ويتحنَّنا عليك.

واستعن بكل مَن له كلمة مطلوبة عندهما، وخيرُ ما تتوجّه إليه وتسأله أن يُسهّل لك الأمور ويُذلِّل لك الصِّعاب هو الله تعالى، فدُم على طاعته وتقواه وسيجعل لك مخرجًا.

نسأل الله تعالى أن يُفرّج عنك، وييسّر لك كل عسير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً