الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلقتها بسبب تناقضها وعدم التزامها بالحجاب، فهل أخطأت؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خطبت فتاة بشكل تقليدي، عن طريق الأهل، أعجبتني من ناحية الجمال، وكانت غير محجبة، اشترطت بيني وبينها أن تتحجب بعد الزواج، وهي وافقت وقالت لي: إنها لا تجد مشكلة في ذلك.

بعد شهرين من الخطبة، كانت الأمور تسير بشكلٍ جيدٍ بيني وبينها، في يوم عقد القران أخذتها وخرجنا معًا فرحين، لكنني ذكرتها بذلك، فقلت لها: أنتِ قلتِ أنكِ ستتحجبين بعد الزواج بشهرين، أنكرت وقالت: لم أخبرك بذلك، يجوز أن أتحجب بعد سنة أو سنتين أو ثلاث، فالحجاب حرية شخصية!

سكتُّ حينها لأنني لم أرد أن أخرب فرحتي وفرحتها في يوم عقدنا، ولكن هذا الموضوع أزعجني كثيرًا، وشعرت أنني خُدعت؛ لأنني لو كنت أعلم بذلك منذ البداية لما خطبتها ولا عقدت عليها، بعد ذلك طلبت مني أن أقبل بأن ترتدي ملابس قصيرة، فرفضت وزعلت، ثم وافقت، فقبلت.

بعد ذلك كنت أتحدث معها دائمًا بكلام لطيف، لكنها كانت تقول لي دائمًا: نحتاج إلى وقت حتى نتعرف على بعضنا البعض بشكل أفضل، ربما أنا لا أعجبك، وربما أنت لا تعجبني، وأزعجني قولها هذا لأنني شعرت أنها جعلتني أشتري غرفة النوم، ودائمًا ما كانت تقول لي: أنا زوجتك، وعندما يسألها أحد عن حالها، تقول إنها متزوجة، ثم تغير رأيها وتقول العكس.

كان لدي سيارة أخي، وأخذتها منه في فترة الخطبة، ثم أردت أن آخذها منه، لكن عندما أخبرتني خطيبتي بأنها تريدني أن آخذها منه لأذهب بها إلى عملي، كان أخي رافضًا لأسباب خاصة، وأصرَّ على عدم إعطائها لي، وخطيبتي كانت تلح عليه لكي أذهب بها لأخذها من عملها؛ حيث كانت تقول لي: تعال. فكنت أخبرها بأنني ليس لدي سيارة، وأخي لا يقبل أن يعطيني سيارته، كانت تقول لي: الله كريم حبيبي -إن شاء الله- في المستقبل سيكون لدينا سيارة.

كنت أقول لها: لا تقولي لي حبيبي، لأنكِ في السابق كنتِ تقولين لي إنكِ لا تعرفين كيف تقولين لي 'أحبك'، وكانت تقول: صحيح، لكني أحبك وأشتاق إليك، ولكن أعتقد أننا بحاجة إلى بعض الوقت، ثم قالت: لا يعني إذا لم أخبرك بحبك أنك لست حبيبي وزوجي، فأنا أقدرك وأحترمك، بعدها قلت لها: أنتِ متناقضة! فزعلت، وحاولت إرضاءها، ولكنها لم تتقبل، بعد ذلك، طلبت الطلاق وطلقتها، ثم طلبت مني أن أرجع لها مصاريفي، فهل ظلمتها بأسلوبي أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نوار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يُصلح الأحوال، وأن يُعينك على تجاوز هذه الصعاب.

حقيقةً نحن كنَّا نتمنّى ألَّا تسير الأمور بهذه السرعة، لأنا نأمل أن توجد حلول مناسبة في مثل هذه الأحوال، ولا شك أن الفتاة أخطأت في تنصُّلها من قضية الحجاب، الذي هو شريعة الله تبارك وتعالى، والفتاة ينبغي أن تكون مطواعةً لزوجها، حريصةً على ما يُرضيه.

ونتمنَّى دائمًا مثل هذه الأمور أن تُعالج مع أهل الاختصاص، وأن تحرصا دائمًا على عدم الاستعجال في الوصول إلى النهايات؛ لأن مثل قرار الطلاق وقرار حل رباط الزوجية؛ هذا قرار يحتاج إلى تأمُّل ونظر في العواقب والبدائل المتاحة، وحشد للإيجابيات الموجودة في الزوجة ووضعها إلى جوار السلبيات؛ حتى يحصل التقييم والتقييد الصحيح، ونسأل الله أن يُعينكما على الخير.

وعلى كل حال: إذا كانت المسألة وصلت إلى مرحلة الطلاق وإرجاع المصاريف؛ فأعتقد أنكما وصلتما إلى وضعٍ يحتاج إلى دراسة متأنية، ونتمنّى أن تجدا في العقلاء من أهلها ومن أهلك ومن أهل الاختصاص الموجودين في بيئتكم مَن يستطيع أن يُعالج هذه الأمور؛ لأن الطلاق أيضًا ليس نهاية المطاف، لكن المسألة تحتاج إلى دراسة وتكوين قناعات إيجابية، وقبل ذلك وبعده لا بد أن يكون هناك اتفاق على الأمور الشرعية، بحيث لا يحصل مخالفات شرعية؛ لأنك فعلًا أحسنت بإصرارك على أن تتحجَّب وتتستّر، وقد أصبحت زوجة لك، ولا بد أن تلتزم بما يُرضي الله، والحمد لله أن الذي يُرضي الله هو الذي تريده أنت من الحرص على الحجاب.

وما حصل بعد ذلك من مواقف في السيارة أو في غيرها، والكلام الذي دار بينكما؛ هذه أمورٌ سهلة، إذا حصل الاتفاق على الأمور الشرعية فينبغي أن تعلم أن أي زوجة لها إيجابيات وعندها سلبيات، وعند ذلك هذه الأمور تحتاج إلى نظرة شاملة، ونرحب بكما أيضًا في الموقع، وشجّعها على أن تتواصل، إذا كانت تريد إعادة ترتيب حياتها من جديد، حتى نضع معها ومعك النقاط على الحروف، ومن حق كل إنسان يتواصل مع الموقع ويذكر ما عنده، ومن حقكما أيضًا أن تطالبا بحجب الاستشارة إذا كنتما ستتكلمان عن خصوصيات بشأن هذه العلاقة.

نسأل الله أن يُقدّر لكما الخير ثم يُرضيكما به، ومرة أخرى: نتمنَّى ألَّا تستعجلا في اتخاذ خطوات مثل هذه، والطلاق يمكن بعده تحصل رجعة، لكن المهم هو أن تكون كل القرارات صحيحة، ومتأنية، وبعد دراسة، ونسأل الله لنا ولكما التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً