الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي شاب جيد لكن عمي قد رفضه.. فما الحل؟

السؤال

أنا فتاة، أبلغ من العمر 25 عامًا، والدي متوفى منذ 4 سنوات، تقدم لي شاب يعرفنا، ويعرف إخوتي جيدًا، وأمي وإخوتي فرحوا جدًا به، ووافقوا عليه، ولكن عمي رفض الموضوع، حتى إنه لم يقم بالنزول والسؤال عن هذ الشخص، مع أن إخوتي ذهبوا ليسألوا ولم يجدوا به أي شيء ينتقد عليه، ولكن عمي قال: إنه شخص سيء، من غير أن يسأل عنه.

أنا أعرف هذا الشخص منذ وقت كبير؛ لأننا نعمل سويًا، وهو قريب جدًا من أهلي، ومع ذلك بعد قبول أهلي له رفضوه؛ لأن عمي رفض، وتركوا له زمام الأمور.

حياتي متعلقة بيده يتحكم فيها مثلما يريد، حتى إني عندما واجهته أنه لم ينزل للسؤال عن الخاطب، قال أنا لا أحتاج أن أنزل للسؤال عنه، وقلت له إني استخرت الله كثيرًا، فقال لي لا يهمني، والشخص مرفوض، وأصبحت الأمور معقدة، وإلى الآن هذا الشخص يتقدم لي، ومع ذلك يلقى الرفض، وأنا لا أعرف ماذا أفعل؟!

قمت بصلاة الاستخارة أكثر من مرة، وأجد راحة في الموضوع، وعندما أتحدث مع أمي تقول لي: رأي عمك هو الأساس، مع أنه خطأ، أصبحت أبكي كثيرًا على حالي، وأن عمي يتحكم فيها، وأهلي لا يقومون بشيء.

أصبحت حالتي النفسية سيئة جدًا بسبب هذا الموضوع، وتحولت من فتاة مرحة إلى فتاة لا تعرف معنى الضحك، وأصبحت أبكي كثيرًا أثناء صلاتي، لا أعرف ماذا أفعل لأقنع أهلي أن هذا الشيء خطأ؟!

أرجو مساعدتي في الحل، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يُقدّر لك الخير حيث كان، وأن يختار لك الزوج الصالح الذي تقرُّ به عينُك وتسكنُ إليه نفسك.

ونقول أولًا: أصبتِ -ابنتنا الكريمة- حين لجأت إلى الله تعالى بالاستخارة وسؤاله سبحانه وتعالى أن يُقدّر لك الخير، ونرجو الله تعالى أن يستجيب هذا الدعاء ويُقدّر لك الخير.

ثانيًا: ينبغي أن تعلمي أن أولياء النكاح هم العصبة ما دام الأبُ قد مات، وليس لك جدّ من الأب، فأولى الأولياء الأقرب فالأقرب، فإخوانك هم أولياؤك في النكاح، وهم مُقدّمون على العم، والذي فهمناه من كلامك أن لك إخوة كبارًا -أي بالغين-، تجاوزوا سنّ الخمسة عشر عامًا- فإذا كان لك أخٌ -سواء كان أخًا شقيقًا أو أخًا من الأب- فإنه وليُّك في النكاح، والعم لا ولاية له، ولكن لا مانع من أن تأخذوا رأي عمّكم إذا كان فيه مصلحة، ولا شك ولا ريب أن الكبار أدرى بالحياة وأهلها منك، وأعرفُ بالناس، ولكن هذا لا يعني سلامة رأيهم بشكل مطلق، فكلُّ أحدٍ يمكن أن يُخطئ ويُصيب.

ولذا نصيحتنا لك أولًا أن تتوجّهي إلى الأشخاص الذين يمكن أن يُؤثّروا على عمّك -حتى لا تحدث مشكلات في زواجك من قبل الأقارب-، ومحاولة إقناعه بالعدول عن رأيه، أو النظر الصحيح في حال هذا الخاطب، ليُقنعك بأنه غير مناسب، مع سؤال الله تعالى أن يُسهّل لك هذه المهمّة، ونرجو الله تعالى أن تكون سهلةً يسيرة.

فإذا لم يحصل ذلك؛ فمن حقك الشرعي أن تُطالبي إخوتك بأن يتولوا عقد النكاح، وأنه لا ولاية للعمِّ عليكِ، فإذا امتنعوا هم أيضًا من ذلك لسببٍ أو لآخر؛ فمن حقك الشرعي أن ترفعي أمرك إلى القاضي الشرعي ليأمرهم بالتزويج، أو يتولى تزويجك إذا هم امتنعوا عن ذلك.

هذه هي الطريقة الشرعية لمعالجة هذا الموضوع من ناحية الأحكام، أمَّا ما هو أولى أُسريًّا ومجتمعيًّا، فينبغي أن تكوني مُدركة أن الزواج الذي يُبنى على مشكلات من أوَّل الأمر قد يُؤدي إلى نزاعاتٍ كثيرة، وقد تكونين أنت ضحيةً لهذه النزاعات في المستقبل، فحاولي أن تتجاوزي هذه المشكلات بأحسن الأساليب التي يجتمع عليها أهلُك.

وبعد بيان هذه الأحكام التي ذكرتُها لك، يمكن أن تُخبري أُمّك بهذا الوضع، وأن إخوانك هم أولياؤك، ومع ذلك تحاولون إقناع عمُّكم بالحسنى، وبالكلمة الطيبة، واستعمال كل المؤثرات التي تُؤثّر عليه من الأقارب وغيرهم.

فإذا ضاقت بك السُّبل ولم تجدي حلًّا إلَّا الرجوع إلى القضاء الشرعي؛ فإن هذا من حقك الشرعي، إذا رأيت أن فيه مصلحة لك.

نسأل الله بأسمائه وصفاته، أن يُقدّر لك الخير وييسّر لك الأمور.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً