الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتقدم لخطبة من أحببتها أم أنتظر الاستقرار في العمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحسن الله إليكم.

أنا شاب في الحادية والعشرين من عمري، لا أملك مالًا، ولا أظنّ أن أبي سيعينني على الزواج، فسألت الله أن يرزقني مصدر دخل، أو مصادر متعددة، وسألته أن ييسّر لي أمر الزواج، ووعدته أن أسعى فيه، ولو مَنَّ الله عليّ بوظيفة أو مصدر دخل، فسأتقدّم لخطبة الفتاة، علمًا أنني كنت قد كلمتها من قبل، وكلمت أخاها، ووعدتهما أنني سأتقدم إلى والدها فور حصولي على مصدر دخل.

الحمد لله رزقني الله مصدر دخل، وأتمنى أن يقبلوني في وظيفة ثانية، والآن لا أدري: هل من الحكمة أن أتقدّم فورًا تنفيذًا للوعد الذي قطعته مع الله وأخيها؟ أم من الحكمة أن أتمهّل قليلًا لمدة شهرين، حتى أضمن مكاني في المؤسسة، وأجمع شيئًا من المال، فيسهل عليّ إقناع والديّ؟

ما يدفعني للاستعجال أمور عدّة: أنني وعدت الله، ووعدتها هي وأخاها، وأطمع أن يرى الله صدقي وسعيي؛ فيزيدني توفيقًا وبركة في المال. وأطمع أيضًا أنني إن خطبتها، سيسمح لها والدها بترك الجامعة والمكوث في البيت، فهي أتقى امرأة عرفتها. كما أنني أخشى أن يسبقني إليها أحد.

ويمنعني من التقدّم عدّة أمور: أوّلها أنّي لا أدري كيف أقنع والديّ، إذ سيقولان: صغير، معدوم المال، ونحو ذلك من كلام العوام، ويمنعني أيضًا خوفي من التعرّض للتسريح من العمل، فأقع في حرج شديد مع والدها.

فأشيروا على أخيكم في الله، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ لطفي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نبشرك -أخي الكريم- أن الله يشمل بعونه وتوفيقه الشاب الذي يسعى في الزواج يريد أن يعف نفسه، ففي الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله" [رواه أحمد]، وسعيك في الاستعداد لتحقيق الباءه هو عين الحكمة لتطبيق قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج .."، فالزواج فيه مسؤولية، وأعباء، يحتاج الزوج أن يكون على استعداد تام له نفسيًا وماديًا.

كما أننا نبارك حرصك على الوفاء بوعودك التي هي دليل على الأخلاق الحسنة فيك.

قرار الزواج يتطلب حكمة وتوازناً بين عدة عوامل، لذلك -أخي الكريم- تحتاج إلى بعض النصائح التي قد تساعدك في اتخاذ القرار المناسب:

أولاً: الوفاء بالوعد، والتوكل على الله، وعدك لله ووعدك للفتاة وأخيها أمر يجب أن يؤخذ بجدية، إذا كنت تشعر بأن لديك الحد الأدنى من الاستقرار المالي الذي يسمح لك بالتقدم للخطبة، فإن الوفاء بوعدك يعكس صدقك وجديتك، ومع ذلك تذكر أن التوكل على الله لا يعني التهاون في التخطيط والاستعداد، بل يعني السعي واتخاذ الأسباب، مع الثقة في الله تعالى.

أنبهك إلى أن التواصل العاطفي، والوعد بالزواج من هذه الفتاة قبل الخِطبة مخالف للشرع، والأصل أن يكون هذا بعد الخِطبة، فلا بد من التوبة من هذا الفعل.

ثانيًا: التأكد من الاستقرار المالي، من الحكمة أن تأخذ وقتًا قصيرًا للتأكد من استقرارك المالي، خاصة إذا كنت تشعر بأنك تحتاج إلى فترة قصيرة فقط لضمان وظيفتك الحالية، أو الحصول على وظيفة ثانية، هذا سيساعدك على التعامل، مع أي تحديات مالية مستقبلية، ويزيد من احتمالية قبول والديك ووالدي الفتاة لفكرة الزواج.

ثالثًا: التواصل مع والديك، من المهم أن تبدأ في تمهيد الطريق لوالديك، يمكنك أن تبدأ بالتحدث معهما حول رغبتك في الزواج، وكيف أنك تعمل على بناء مستقبل مستقر، استعد لمواجهة بعض الاعتراضات، وكن صبورًا في التعامل معها، وأظهر لهما أنك جاد ومتفهم للمسؤولية، ولا ينبغي أن تعتبر رأيهما من العوام، فليس هذا من احترام الوالدين وتوقيرهما، فهم أحرص الناس عليك، ولكن يمكنك أن تشرح لهما بكل وضوح ما تريد وما تسعى إليه، ولن يقفا أمام سعادتك عندما تكون جادًا وصادقًا.

رابعًا: النظر في توقيت الخِطبة، قد يكون من الحكمة الانتظار فترة قصيرة، مثل: شهرين، لضمان الاستقرار المالي، ولكن لا تجعل هذا الانتظار طويلاً لدرجة أن تفقد الفرصة، إذا كنت تشعر بثقة أن الله سيوفقك بعد الخِطبة، يمكنك التقدم فوراً، مع الاستعداد لتحديات ما بعد الخطبة، كما يمكنك أن تقوم بالخطبة وتشرح هذا الأمر لولد الفتاة ولها، وخلال فترة الخِطبة تبقى فترة تضمن فيها استقرارك المالي، وفي نفس الوقت تضمن خِطبة الفتاة ذات الدين والخلق.

خامسًا: صلاة الاستخارة من أفضل الوسائل لتوجيهك إلى ما فيه خير لك، استخر الله في قرارك، وسيجعل الله لك الخير حيثما كان.

أخيرًا: لا بد أن تتخذ قرارك بناءً على مزيج من الإيمان، والتخطيط العملي، ولا تنس الدعاء لله تعالى أن يعينك ويوفقك في إيجاد عمل جيد، ولا تنس أيضًا اكتساب المهارات التي تساعدك على زيادة الفرص في الحصول على أعمال، فكل هذا من الأسباب التي تعينك على تحسين دخلك، وهي من حسن التوكل على الله.

نسأل الله أن يوفقك، ويسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً