الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في هم وكدر بسب الوسواس، فما علاجي؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من وسواس شديد، تقريباً في كل أمور الدين، وهذا الأمر معي منذ ١٢ سنة تقريباً، وأنا أعاني، والله أعلم بحالي، وأنا حزينة جداً، وفي هم وغم وكدر.

أريد أن أكون ناجحة في حياتي، وسعيدة، ولكني لا أستطع بسبب الوساوس، ولا أدري هل هو بسبب عين أو مس؟ لا أعلم ما هو السبب، ولكني أريد منكم -جزاكم الله خيراً- الحل، أريد الحل والشفاء، أرشدوني، وأخبروني هل تسقط عني بعض التكاليف أو تخفف عني؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أنوار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وبخصوص ما تفضلت به فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: نريد ابتداءً أن نسألك عن جملة ذكرتها لا يجب أن تمر علينا دون توقف، وهي قولك: (الله أعلم بحالي، وأنا حزينة جداً، وفي هم وغم وكدر).

السؤال: لماذا الهم والغم والكدر؟ لأنك غير مؤمنة بما يقذف في رأسك، وما يدور في خلدك، وأن هذا ليس منك وإنما من الشيطان، دعينا نضرب لك مثالاً: لو أتاك الوسواس، وأخبرك أن الأنبياء محبتهم واجبة، وأنهم أفضل خلق الله، هل ستجدين هماً وغماً لهذا الكلام؟ بالطبع: لا.

السؤال: لماذا؟ الجواب لأنك مؤمنة بذلك، ولهذا لم تجدي ألماً، وهذا من علامة الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، (إِنَّ أَحَدَنَا لَيُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالشَّيْءِ يَعْظُمُ عَلَى أَحَدِنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: (أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ)، أي: هذا هو الإيمان الصَّريح الخالص؛ لأنَّه لولا الإيمان الذي حجزك لما تألَّمت، ولتكلَّمت وأنت مستريحة.

ثانياً: -أختنا الفاضلة-: الجهل بالدين أحد أهم أسباب تلاعب الشيطان بالإنسان في دينه، أو أمور تخص عقيدته، لذا أول ما ندعوك إليه هو تعلم أصول دينك، حتى لا تتركي مجالاً لتلاعب الشيطان بك، لكن إذا عرض الشيطان عليك شبهة، فاسألي أهل العلم المختصين، وستجدين الجواب الشافي، إن شاء الله.

ثالثاً: أما علاج الوسواس فأمره يسير بأمر الله، فقط عليك أن تفهميه، فإذا فهمته سيطرت عليه، وأول ما يجب أن تعلميه أن تمدد الوسواس الكبير يكون في بيئة التَّفكير السَّلبي، فإذا أردتّ القضاء عليه فحوِّلي كل أمرٍ سلبي إلى إيجابي.

اعلمي أن الوسواس سخيف، والإنسان حين يربطه في فكره بالسخف يهون أمره، ردِّدي في نفسك ذلك: هذا وسواس، الوسواس لا ينفع؛ هذا نوعٌ من التَّغيير المعرفي المهم جدًّا، فحين يستخفّ الإنسان بشيء سيحتقرهُ، وحين يحتقرهُ سيحدثُ ما يعرف بفكِّ الارتباط الشَّرطي، أي: أنَّ الوسواس لن يُصبح جزءًا من حالة الإنسان، هذهِ التَّمارين تحتاج للصبر والتِّكرار، والجديَّة في تطبيقها.

رابعاً: احذري الاسترسال مع الوسواس، أو حتى مجرد الرد على فروع الأسئلة، لأن هذا مراده، لذا إذا أتاك فعليك بعد احتقاره صرف عقلك إلى أي عمل إيجابي.

خامساً: حافظي على صلاتك في موعدها، وأذكارك في وقتها، وخاصة أذكار النوم، وابتعدي عن الجلوس وحدك كثيراً، بل كوني دائماً في مجموعة من الناس، فإذا خلوت بنفسك فيجب أن يكون هناك برنامج علمي أو علمي لك، حتى لا تكوني صريعة الفراغ.

أنت لست مريضة -أختنا- حتى ترفع عنك بعض التكاليف، هذا الوسواس قلما يخلو منه أحد، فقط افعلي ما طلبناه منك واصبري على ذلك، وستجدين تحسناً في حياتك كلها، بأمر الله.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً