الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتوهم أن الآخرين يراقبونني ويتابعون أفكاري، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أسألكم، وآمل من الله أن يوفقكم للرد على استشارتي.

أنا شاب أعاني من الوهم والخيال، لدرجة أني أتوهم المراقبة والمتابعة لأفكاري في كل مكان من قبل الآخرين، وهذا لم يظهر معي إلا في السنوات الأخيرة، فكيف يمكن أن أتجاوز هذا المشكلة التي أرقتني؟ ويشهد الله أني صبرت -ولله الحمد والمنة-.

ملاحظة: لم أقم بزيارة الطبيب إلا مرة واحدة، وكثيرًا ما أعتقد أن هذا ناتج عن مرض روحي، والملاحظ كذلك أني بعد التأقلم مع المرض بدأت أجزم أنه من النفس الأمارة، ومن الشيطان، ولكن ما إن أتعرض -مثلًا- للضغط النفسي حتى أشعر من جديد بقوة الوهم.

وحتى لا أنسى أمرًا مهمًا في استشارتي هذه، وهو أن المؤلم في الأمر هو أني أرى قرائن ومواقف في المجتمع تغذي هذا الشعور، ولا أدري ما إذا كانت فقط هي الأخرى وهمًا وخيالًا يغذي الخيال الأول المذكور، أم هي من عداوة القرين، كما نسمع من البعض ممن يتكلم في شؤون الرقية الشرعية؟

وذكرت القرائن؛ لأنني كلما حاولت أن أنسى وأتغافل وأعرض عن الشعور هذا، حتى يرجع بي الفكر لتلك القرائن فتغذي الوهم، مما جعله لا يزول إلا قليلاً.

لا أدري كيف أقرب إليكم مثالًا على تلك القرائن، ولكن أرجو أن يصل المعنى الكلي للمشكلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ elhassan حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

أخي: رسالتك واضحة جدًّا، و-ما شاء الله- بالفعل أنت مُعلِّمٌ للغة العربية، فقد أعجبتني صياغتها ولغتها، زادنا الله وإيَّاك من فضله.

أخي الكريم: ما ذكرته عرَضٌ مهمٌّ، وهو أنك تعتقد أن الآخرين ربما يقومون بمتابعة أو مراقبة أفكارك، هذا نوع من وسواس الظنان، وهو عرض مهم في الطب النفسي، ويسهل علاجه -إن شاء الله تعالى-.

طبعًا الإنسان يبحث عن تفسير لهذه الظواهر الغريبة، وأنت -جزاك الله خيرًا- نسبةً لخلفيتك الإسلامية، وخلفيتك اللغوية الرصينة دخلت في موضوع القرين والأشياء الروحية، والتي نؤمن بها إيمانًا مطلقًا، لكن في ذات الوقت أعتقد وأرى -وأنا على درجةٍ عاليةٍ من اليقين- أن حالتك هذه حالة نفسية.

ودائمًا ما نوصي أبناءنا بالحرص على الصلاة، وعلى الأذكار، وورد من القرآن يوميًا؛ حتى يكونوا في حفظ الله تعالى، كما قال عز وجل: (له مُعقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله).

فيا أخي الكريم: كما ذكرتُ لك -في تقديري- أن الحالة هي حالة طبية نفسيّة، وحتى ترتاح -أخي الكريم- فإن التفسير للحالة يجب أن يكون على الأسس التي ذكرتها لك، وموضوع القرائن: فكل إنسان أيضًا حين يُصاب بهذه الظواهر سوف يبحث عن القرائن أو الروابط التي تُثيرها، أو التي كانت السبب فيها.

من الناحية العلمية: القرائن المهمة لدينا هو أن بعض الأشخاص أصلًا لديهم الاستعداد لأن تحدث لديهم هذه الأفكار، وكثير من الناس أيضًا يكون لديهم الخيال الخصب، ويكون لديهم نوع من أحلام اليقظة، وبعض الناس لديهم قوة شديدة جدًّا لمراقبة ذواتهم، خاصة في مسار أفكارهم، ويلجؤون كثيرًا إلى التحليل الدقيق لهذه الأفكار.

أنا أدعوك لتجاهل كل هذا الذي يحدث، وربما تكون محتاجًا لعلاج دوائي بسيط، فإذا ذهبت إلى طبيب نفسي أعتقد أن ذلك سيكون مفيدًا لك، وهنالك أدوية بسيطة، مثلًا: عقار (إريبيبرازول) بجرعة 5 ملغ يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها 10 ملغ يوميًا، لمدة 3 أشهر، ثم 5 ملغ يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عنه، سوف يُساعد في علاج مثل هذه الظواهر. وهنالك دواء آخر يُسمّى (ريسبيريدون) أيضًا بجرعة صغيرة يُساعد كثيرًا، والجرعة هي 1 ملغ ليلًا لمدة شهرٍ، ثم 2 ملغ ليلًا لمدة 3 أشهر، ثم 1 ملغ ليلًا لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عنه.

طبعًا ليس هنالك حاجة للدوائين مع بعضهما البعض، قد تحتاج لدواء واحد وليس أكثر من ذلك.

فيا أخي الكريم: هذا هو الذي أراه، ورسالتك رسالة ممتازة ورسالة جيدة ومهمّة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرته لك، ونحن على استعداد لأن تتواصل معنا في أي لحظة، وإن ذهبت إلى طبيب نفسي، فأرجو أن تُفيدني بما دار بينك وبينه، والتشخيص، وما وصف لك من علاج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً