الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر كثيراً في الزواج وأشعر أن الأفضل إكمال دراستي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة تربيت في بيت خلق ودين، وقد أوشكت على أن أتم عقدين من عمري، وأيضاً أنا منتقبة منذ زمن، أفكر كثيراً في الزواج، ولكن أشعر أني ما زلت صغيرة، وأن الأولى أن أكمل دراستي الجامعية بدون أي تشتيت، وأن أعمل بعد الجامعة.

أشعر أن عندي مشكلة في التحكم في مشاعري، فقد قابلت الكثير من الرجال، سواء زملاء من المدرسة أو الجامعة، أو حتى في شركات التدريب في فترة الصيف، وفي كل مكان من تلك الأماكن أجد نفسي معجبة بشخصية ما.

لا أدري ماذا أفعل! وكيف أتخلص من هذا الإعجاب؟ وإذا ما كان من الطبيعي أني في كل فترة أعجب بشخص ما!

شكراً لكم كثيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جويرية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا، نحييكِ على اهتمامكِ بمستقبلكِ التعليمي والمهني وعلى حرصكِ على الاستقامة والالتزام بما هو مرضٍ لله، تلك القيم التي تتحلين بها، سواء الالتزام بالحجاب أو السعي لتطوير نفسك، تُظهر نضجًا ووعيًا كبيرًا.

بالنسبة لمشاعركِ تجاه الإعجاب بالرجال في مختلف المواقف، هذا أمر طبيعي جدًا، الإنسان بفطرته قد يميل للإعجاب بأشخاص يمتلكون صفات محببة، وهذا جزء من تكويننا كبشر، لكن ما يُهم هنا هو كيفية التعامل مع هذه المشاعر وضبطها بما يتماشى مع دينكِ وقيمكِ.

بعض النقاط الهامة التي قد تساعدكِ في التعامل مع مشاعر الإعجاب:
1. الإعجاب شعور عابر في كثير من الأحيان، قد يتولد نتيجة لقربكِ من الشخص أو تفاعل يومي معه، وهذا لا يعني أن الإعجاب دائمًا يؤدي إلى حب أو ارتباط؛
لذلك من الجيد ألا تعطي لهذه المشاعر وزنًا كبيرًا، خصوصًا إذا كانت دون أساس قوي.

2. من المهم أن تتعلمي كيف تتحكمين بمشاعركِ، هذا يتحقق من خلال تعميق الوعي بنفسكِ وبمشاعركِ، وعدم السماح لها بالتحكم بكِ أو التأثير على حياتكِ اليومية بشكل مفرط، الدعاء والاستعانة بالله لتهدئة نفسكِ، وطلب العفة والحكمة من الأمور التي يمكنكِ اللجوء إليها.

3. كما ذكرتِ، لديكِ أهداف تعليمية ومهنية، التركيز على تحقيق هذه الأهداف يمكن أن يُساعدكِ على توجيه طاقتكِ في اتجاه إيجابي، العمل على نفسكِ وتطوير قدراتكِ سيعزز من ثقتكِ ويقلل من احتمالية التشتت بمشاعر الإعجاب.

4. في الإسلام، العلاقات بين الرجال والنساء منظمة وفق حدود واضحة، والله سبحانه وتعالى يوجهنا للحفاظ على حدود في التعاملات، وهذا من شأنه أن يخفف من أي تعلق أو إعجاب غير مناسب. قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (النور: 30).

5. الزواج خطوة هامة في حياة الإنسان، لكن ليس هناك وقت محدد له، من المهم أن تستشيري قلبكِ وعقلكِ معًا، إذا شعرتِ أن الزواج الآن سيكون تشتيتًا لكِ عن أهدافكِ الدراسية والمهنية، فيمكنكِ التركيز على دراستكِ الآن، وتأجيله إلى الوقت المناسب.

6. التوازن بين العقل والقلب، فالإعجاب والعاطفة يمكن أن تكون حافزًا، لكن يجب أن يتوازن معها التفكير العقلاني فيما هو مناسب لكِ على المدى الطويل، حاولي دائمًا أن توازني بين مشاعركِ واحتياجاتكِ المستقبلية.

7. الدعاء مهم جدًا لطلب العون من الله، سواء في ضبط مشاعرك، أو في اتخاذ القرار الصائب، يمكنكِ اللجوء إلى دعاء الاستخارة في كل أمر صعب أو في لحظات الشعور بالتردد، وقد كان الصالحون من السلف يسألون بالدعاء كل شيء في شؤون حياتهم، حتى كانوا يسألون الله أن يرزقهم ملح الطعام إذا نقص عندهم.

8. من الأحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج" (رواه البخاري). هذا يوضح أهمية الزواج، ولكنه مشروط بالاستعداد والقدرة.

9. إذا توفرت لك فرصة الزواج المناسبة، فالأفضل ألا تفوتيها، فالزواج الناجح لا يتعارض عادة مع إكمال مشاريعك المستقبلية كالدراسة أو العمل.

10. من الأفضل لك كفتاة متدينة أن يكون احتكاكك بالرجال على قدر الضرورة، فالشيطان حريص على إغواء بني آدم.

أنتِ في مرحلة مهمة من حياتكِ، والحرص على تحقيق التوازن بين دراستكِ، ومستقبلكِ المهني، وعلاقتكِ بالله هو المفتاح. حافظي على استقامة قلبكِ ودعي الله يوجهكِ للأفضل، واستشيري دائمًا من تثقين في حكمتهم وخبرتهم عندما تواجهين قرارات مهمة.

يسر الله أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً