الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائر بين الإكمال في دراسة الطب وتغيير التخصص!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرًا، وبارك في جهودكم العظيمة في خدمة المسلمين.أما بعد:

بعد نجاحي في الثانوية -الحمد لله-، اخترت دراسة الطب لرغبتي به، ولكني فوجئت بأنه لم يكن كما ظننت، فوجدت أن الأساتذة يتحدثون باللغة الفرنسية، والدروس باللغة الفرنسية، ومشكلتي أني ضعيف فيها كثيرًا، ففكرت في ترك التخصص، وخاصة بعدما حدث من إضرابات في الجامعة هذا العام؛ مما جعلني أكثر نفورًا، وأنا متأخر في دراستي، وسمعت بأن أغلب التخصصات ليس لها نصيب من فرص العمل بعد التخرج؛ مما زاد حيرتي أكثر.

وأنا في الحقيقة متردد، وخاصة أن أبي وأمي يرغبون في هذا التخصص كثيرًا، ولا أريد أن أضايقهم، وأخاف أني إذا غيرت التخصص لا أجد راحتي بالمكان الجديد، فهل تنصحوني بأن أغير تخصصي، أو أتوكل على الله وأبقى بنفس التخصص؟

وجهوني وانصحوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك على حرصك على طلب العلم، وسعيك لإرضاء والديك، ونسأل الله أن يوفقك وييسر لك أمرك.

أفهم من رسالتك أنك تمر بمرحلة صعبة من الحيرة بين متابعة دراسة الطب، رغم التحديات اللغوية والعوائق الأخرى، وبين تغيير التخصص لأمر تشعر فيه براحة أكبر، ونحن بداية نحيي فيك هذه الصراحة، والحرص على الاختيار الصحيح، ونود أن نعطيك بعض الخطوات والنصائح التي قد تساعدك في اتخاذ قرار حكيم، ومبني على التوكل على الله:

1- النظر في نيتك الأصلية من دراسة الطب، استحضر نيتك الأساسية في دخول هذا المجال، هل كانت رغبتك في مساعدة الآخرين، أو خدمة المجتمع من خلال مهنة نبيلة مثل الطب؟ تذكُّر هذه النية قد يعيد لك دافعك الداخلي، وفي الحديث الصحيح يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

2- إذا كانت اللغة الفرنسية هي العائق الأساسي، فضع في اعتبارك أن تحسين مستوى اللغة ليس صعباً، وسيكون له أثر كبير في تقليل مشاعرك السلبية تجاه التخصص، فكّر في الاستعانة بدروس تقوية في اللغة، سواء كان ذلك عبر دورات مكثفة، أو عبر التدريب الذاتي بممارسة يومية، قد تكون البداية صعبة، لكن مع التدرج ستتحسن -بإذن الله-.

أما إذا كانت مشكلة الإضرابات تعوق تعلمك بشكل كبير، فاستفسر عما إذا كان بالإمكان متابعة الدروس بطريقة ذاتية، أو من خلال مراجع بديلة، أو حتى عبر المنصات التعليمية.

3- إن كان القرار صعبًا عليك، فاستعن بالاستخارة، وتوكل على الله. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب...إلخ"، وكن على ثقة بأن الله سيقودك لما فيه الخير.

4- إن رضا الوالدين أمر عظيم في الإسلام، وقد يكون له أثر في توفيقك وطمأنينتك في الحياة، تحدّث معهما بشفافية عن مشاعرك وما يثقل على قلبك من هموم وصعوبات في هذا التخصص، واشرح لهما أنك تبحث عن تخصص يُناسبك ويُمكنك أن تتفوق فيه، مع عدم إهمال رغبتهم واحترامك لها، لعل الوالدين يغيران وجهة نظرهما، إذا لاحظا إصرارك على البحث عن الأفضل لك، وتفوقك في مسار آخر يريحك.

5- صحيح أن التخصصات الأخرى قد لا تضمن فرص العمل دائمًا مثل الطب، لكن ضع في اعتبارك أن الرزق بيد الله وحده، وأن كل مجال فيه فرص لمن اجتهد وبرع فيه، انظر إلى المجالات الأخرى التي قد تكون مناسبة لك ولديك رغبة فيها، فكثير من المجالات -حتى في غير الطب- تُتيح فرصًا عظيمة إذا أُتقنت وتخصصت فيها، سواء في العلوم التقنية، أو الشرعية، أو غيرها، فإن أحببت مجالًا آخر وشعرت بارتياح، وكنت مجتهدًا، فإن الله سييسر لك طريقك.

6- إذا قررت المضي قدمًا في دراسة الطب، فنوصيك بالصبر والإصرار، والتوكل على الله، والحرص على تحسين المهارات التي تضعفك، وإذا قررت تغيير التخصص، فلا تندم ولا تتردد، بل اسع لتحقيق نجاحك فيما تختاره، وثق أن الله معك ما دمت تنوي الخير وتجتهد. قال الله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.

يسر الله أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً