الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن أن أبادر بالحديث مع من أظنه يرغبي بي؟

السؤال

لو كنت معجبة بشخص، وهو أيضًا يبدو مهتمًا بي، وقد لاحظتُ ذلك من خلال تلميحاته أو نظراته فقط، ولكن بعد انتهاء فترة الدراسة التي كانت تجمعنا، لم يحاول التواصل مرة أخرى، ومع ذلك عندما رأيته صدفة، كان ينظر إليّ مجددًا.

أنا عمومًا، الحمد لله، لا أتحدث مع الشباب، ولكن هذه المرة الأولى التي أشعر فيها برغبة حقيقية تجاه شخص معين، فهل إذا اختلقتُ حجة لفتح حديث معه -مع العلم أنه شخص معروف عنه الاحترام- هل هذا يُعد حرامًا؟ وأيضًا، لو دعوتُ الله أن يكون من نصيبي، هل هذا حرام؟

كيف أتعامل عمومًا مع التلميحات من الرجال؟ مع العلم أنني إن تحدثتُ معه، فهي مجرد فرصة حتى لا يبقى قلبي متعلقًا به دون وضوح، فإذا كان يريدني في الحلال، ستكون له فرصة للتعبير عن ذلك، وإن لم يكن مهتمًا، فسأفهم وأبتعد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً وسهلاً بكِ في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يرزقك سكينة القلب، وعفة النفس، وصدق التوكّل، وأن يختار لك من أمرِك أحسنه، ويقرّ عينك بالحلال الطيب المبارك، وسؤالك دليل حياء، ورقّة قلب، وحرص على ألا تتجاوزي حدود الله، حتى في خفقة المشاعر، وهذا يُبشّر بخيرٍ كثير بإذن الله، فجزاكِ الله خيرًا.

وإليك الجواب منظّمًا، بما يُطمئن القلب ويثبّت الفؤاد:

1. ما كتب الله لكِ سيكون، ولن يُخطئك رزقٌ كُتب باسمك، فلا تقلقي إن مضت الأيام دون أن يتكلّم، ولا تشغلي بالكِ بكثرة الاحتمالات، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إن أحدكم يُجمع خلقُه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يُرسل إليه الملك فيكتب: رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد" [رواه البخاري ومسلم] والزواج رزق، وقد كُتب، فلا تحتاجين إلى أن تسعي إليه بخطوات تشوّش عليكِ حياءك، أو تصنع وهمًا في قلبك، فاطمئني؛ فإن من كُتب لكِ سيطرق الباب.

2. دعاؤك أن يكون من نصيبك جائز، ما دمتِ تسألين الله أن يجمعك به بالحلال، فلا بأس بالدعاء، ولكن قولي دائمًا: (اللهم إن كان فيه الخير لي في ديني ودنياي، فاجمعني به بالحلال، وإن لم يكن، فاصرفه عني واصرف قلبي عنه، وارضني بما تختار).

3. العبد لا يعلم أين يكون الخير، والله يعلم، فقد ترين فيه خيرًا، وتشعرين أنه المناسب، لكن الله يعلم من الغيب ما لا تعلمين، وقد قال تعالى: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْـئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيـئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة: 216] فلا تعلقي قلبك برجل، علّقيه بمن يُقلّب القلوب، ويكتب الأرزاق، ويصرف البلاء، ويجمع المتحابين في رضاه.

4. لا ننصح بفتح باب الكلام أو اختلاق سبب للحديث، مهما كان -في تصورك- بريئًا، لأنه قد يفتح باب التعلّق، ثم يستدرجك الشيطان لحبال من الرجاء أو الانتظار أو المقارنة، ثم إن طال الصمت انكسر القلب، فاحفظي تدينك وكرامتك، فإنّ من أرادك بالحلال سيأتي من بابه، ومن لم يفعل، فسكوتُه كافٍ للجواب.

5. لو عرفتِ إحدى قريباته أو محارمه، فيمكن -عبر امرأة مأمونة- إيصال الإشارة باختصار، إن أردتِ فقط قطع التعلّق، دون افتعال، أما المراسلة أو التلميح بنفسك، فلا ننصح به أبدًا

6. التغافل عن النظرات والتلميحات هو الأجمل، فثباتك هو جدارك النفسي، وحياؤك هو سترك وكرامتك، وتغافلك هو الحاجز بينك وبين التعلق المتعب.

نسأل الله أن يطهّر قلبك، ويصرف عنك التعلّق، ويكتب لك الزوج الصالح الذي يُرضيكِ ويُرضي الله عنك، ويملأ حياتك نورًا وسكينة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً