الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلقت بشاب يريدني زوجة وأهله معترضون على الزواج!

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة تبلغ من العمر 23 عامًا، وأود مشاركة مشكلتي معكم بحثًا عن نصيحة تعينني على اتخاذ القرار الصحيح.

كنت أدرس في الجامعة، وتواصلت مع شاب جيد، واستمرت علاقتنا لمدة سنة كاملة، كانت نيتي معه الزواج، والله يعلم صدق مشاعري، لكنه كان يرفض الفكرة بسبب رفض أهله الذين لديهم آراء متعصبة؛ مما جعل الأمر معقدًا بالنسبة لنا، الآن هو يريد الافتراق عني، وأنا لا أعرف كيف أتصرف!

أتساءل: هل أدعو الله أن يكون من نصيبي، رغم أنه قد قرر الابتعاد؟ فأنا أدعو باستمرار ولا أستطيع تقبّل فكرة الارتباط بشخص آخر، فقد تمنيت أن يكون زوجًا لي في الدنيا والآخرة، وللعلم، هو أيضًا يتمنى ذلك، لكنه لا يعرف كيف يتعامل مع موقف أهله، فأرجو منكم نصيحة تريح قلبي، وتساعدني على اتخاذ القرار الصحيح.

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ اهتمامك وحرصك على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يُقدِّر لكِ الخير ثم يرضيكِ به، وأنتِ في مقام بناتنا وأخواتنا، ونسأل الله أن يضع في طريقكِ من يُسعدكِ وتُسعدينه، ومَن يُعينكِ على طاعة الله وتُعاونينه عليها.

ونحب أن نؤكد لكِ أن العلاقة الصحيحة هي التي ينبغي أن نتأكد في بدايتها من إمكانية إكمال المشوار فيها، وينبغي أيضًا أن تكون البدايات صحيحة -حفظكِ الله-، فأنتِ غالية، وهذا الطريق الذي مضيتما فيه أرجو أن تتوقفا عنه، وأن تستغفرا الله -تبارك وتعالى- ثم توجهي إلى الله بصدق، فإن من ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا.

وأقصر طريق لردّ هذا الشاب وعودته إليكِ أن تتوقفا عن هذه العلاقة التي ليس لها غطاء شرعي، ثم لا مانع بعد ذلك من أن تتوجهي إلى الله وتدعيه أن يُقدِّر لك الخير، ويبذل هو الأسباب المعقولة للوصول إليكِ بطريقة شرعية.

وإذا كان هناك إشكالات عميقة، فأرجو أن تعلمي أن العلاقة الزوجية ليست بين شاب وفتاة فقط، لكنها بين أسرتين، وبين قبيلتين، وواضح من كلامكِ أن أهله متعصّبون، وأن الإشكال في أهله، فلا بد أن يتجاوز هذا الإشكال أولًا، وعليه أن يتخذ الوسائل المناسبة ليُقنع أهله ويطرق باب أهلك، ويأتي البيوت من أبوابها.

أنا أكرر لكِ أنتِ بمنزلة بناتي وأخواتي، لا أؤيد الاستمرار في هذه العلاقة ولا الجري وراء هذا الشاب قبل أن تتأكدي من إمكانية إكمال المشوار، ومن قدرته هو على تجاوز العقبات التي أمامه، بل نحن لا ننصح أي فتاة من الطيبات مثلكِ بأن تفتح على نفسها مثل هذا الباب، والإسلام أراد للفتاة الكريمة العزيزة مثلِك الطيبة -صاحبة الصفحات البيضاء- أن تكون مطلوبة عزيزة، لا طالبة ذليلة.

واعلمي أن الحب الحلال يبدأ بطلب الفتاة من أهلها رسميًا، ويبدأ بالمجيء إلى البيوت من أبوابها، والفتاة العاقلة إذا وجدت ميلًا لشاب تطلب منه أن يطرق باب أهلها، وتدلّه على أعمامها وأخوالها وأوليائها، والحمد لله قد حصلت بينكما المعرفة، وكل منكما يعرف الآخر، فلا بد الآن من التوقف والاستغفار عن التجاوزات التي حصلت، ثم نتمنى بعد ذلك أن يكون له دور إيجابي فعلي في طلب يدكِ بالطريقة الشرعية الصحيحة.

فإن تأخر عن ذلك، أو عجز عن ذلك، فنسأل الله أن يفتح لكِ من أبواب الخير ما يُرضيكِ، ولا نؤيد أن تغلقي على نفسكِ الباب بهذه الطريقة، فالحقيقة أن الفرص كثيرة، والحياة فرص، والله -تبارك وتعالى- قد كتب لكل فتاة من يُناسبها ويُسعدها، ولكل أجل كتاب.

فلا يجعلكِ هذا الارتباط العاطفي ترفضين أي خاطب إذا طرق الباب، فانظري في حاله؛ إن كان صاحب دين وخُلق، ووجدتِ في نفسكِ انشراحًا وارتياحًا له، فلا تترددي في القبول به، وحتى يحصل هذا ندعوكِ إلى أن تشغلي نفسكِ بالذكر والدعاء والإنابة إلى الله -تبارك وتعالى-، وبالهوايات النافعة، وكوني قريبة من عائلتكِ، وكوني إلى جوار والديكِ، وأشغلي وقتكِ بما ينفعكِ في دينكِ ودنياكِ، واعملي على تطوير مهاراتكِ وهواياتك المفيدة.

نسأل الله أن يُقدّر لكِ الخير، ثم يُرضيكِ به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً