الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن لمريض الفصام أن يتزوج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تم تشخيصي سابقًا باضطراب الفصام العاطفي، لكن -ولله الحمد- منذ عام 2022 حالتي تحسنت كثيرًا، وشعرت أنني تعافيت بعد متابعة مع راقٍ، أخبرني حينها أنني كنت مصابة بمسّ من الجن، بعد ذلك زرت طبيبًا نفسيًا، وتم تأكيد تشخيصي بهذا الاضطراب.

عندما أفكر في الزواج، ينتابني الخوف من عدم قدرتي على تحمل المسؤولية، وأقلق من احتمال عودة الحالة مرة أخرى، خاصة أنني عانيت من هذا المرض لمدة 16 سنة، كانت تمر عليّ فترات من الانتكاس، وأخرى أكون فيها بحالة جيدة.

أتساءل: هل يمكن لمن يعاني من هذا النوع من الاضطراب أن يتزوج، ويكوّن أسرة بشكل طبيعي؟ فكلما فكرت في الزواج أشعر بالخوف، وكأنني سأفقد صوابي وأجن!

أرجو منكم المساعدة والنصح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

أنا سعيد جدًّا أن أعرف أن حالتك قد تحسّنت كثيرًا، وأنك -بفضل الله تعالى- قد وصلتِ لمرحلة التعافي.

بالتأكيد مرض الفصام الوجداني يحتاج إلى علاج دوائي؛ لأن المرض في أصله سببه الرئيسي هو اضطراب، أو عدم توازن في بعض المواد الكيميائية في الدماغ، والتي تعتمد على الموصلات العصبية، ومادتي الدوبامين والسيروتونين على وجه الخصوص يحدث فيهما الخلل أو الاضطراب، ولذا تظهر أعراض المرض.

بالنسبة لموضوع المس والجن -أيتها الفاضلة الكريمة-: نحن نؤمن بذلك تمامًا، لكن أقول لك بوضوح شديد: هذا المرض مرض طبي، والأدوية ضرورية ومهمة، وأنت قد تحتاجين إلى دواء واحد فقط، وبجرعة صغيرة من أجل الوقاية، والحمد لله أن الرقية أفادتك، وهذا شيء طيب، فاحرصي على صلاتك، ووردك من القرآن، والمحافظة على الأذكار، فهذا كله -بإذن الله تعالى- يُغلق تمامًا كل الأمور التي قد تُقلق الإنسان.

أخذ جرعة علاجية صغيرة أمر مهم جدًّا، وهذا سيمكنك -إن شاء الله تعالى- من الإقدام على الزواج وأنت مطمئنة، أنه لن تصيبك أي انتكاسات -بإذن الله-؛ لأن الأحداث الحياتية الكبيرة، حتى وإن كانت مفرحة مثل الزواج مثلًا، قد تؤدي إلى بعض التوترات النفسية، وربما إلى هفوات أو حتى انتكاسات مرضية، وأنت -كما ذكرتِ- بمجرد التفكير في الزواج تحسين بتغيرات في مزاجك، إذًا العلاج الدوائي مهم جدًّا.

وبعد ذلك، لا أرى أبدًا ما يمنعك من الزواج، لكن طبعًا يجب أن يعرف الطرف الآخر (الزوج) عن حالتك، وهذا لن يجعله ينفر أو يتخلى عنك -بإذن الله-، فالأمانة مطلوبة جدًّا، وهو يراك أمامه، ويستطيع أن يُقيم حالتك بنفسه، وأنت مقتدرة وفي كامل وعيك وإدراكك.

هذا هو الذي أنصحك به: تناول علاج وقائي بسيط، مع إخبار الزوج بحالتك، وإن كان الزوج مترددًا أو متشككًا، يمكن أن تجعليه يراجع الطبيب المعالج لك، وتُعطي للطبيب إذنًا بأن يُخبره بحقيقتك، ويشرح له طبيعة المرض والعلاج المطلوب، وما مستقبل الحالة -بإذن الله-.

هذا هو الموقف السليم، و-الحمد لله تعالى- أنت في سن مناسبة جدًّا للزواج، وهذا -بإذن الله تعالى- يساعدك على أن تكوني زوجة صالحة وفاعلة، وأمًّا رؤومًا -بإذن الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً