الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خاطبي خانني ثم اعتذر لي، فهل أسامحه وأثق به؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مرحبًا، وشكرًا على مجهوداتكم، أريد طرح مشكلتي، وهي تعرّضي للخيانة.

أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عامًا، وخاطبي يكبرني بعامين، لقد مرّ على خطبتنا عام، وأنا فتاة أحب طريق الالتزام، وقد شجّعته على ذلك، فوافق، وكنا نقرأ القرآن سويًا، وكان صالحًا في بداية العلاقة، لكن بعد فترة، بدأنا نتشاجر على أمور تافهة طيلة هذه الأشهر، ومع ذلك، كنا نتصالح بعد كل شجار، وكنت أقف معه في الحلوة والمُرّة، وهو أيضًا، لكنه أحيانًا كان لا يفهمني.

حين مرضت والدته، ذهبتُ أنا وأمي لزيارتها في المستشفى، وكانت والدته بحاجة إلى شيء من هناك، وجاءت فتاة وأحضرت لها ذلك الشيء، ثم أخذت رقم خاطبي دون أن أعلم، وبدأ يخونني معها دون علمي، كان يُحادثني ويُحادثها في الوقت نفسه، بينما أنا لا أدري، وكان يُحادثني قليلًا، ويقول إنه مشغول ومتعب.

وبعد أيام، علمتُ بخيانته، وقد ذكر للفتاة أنه ليس خاطبي، وحلف لها، وقال إنه لا يحبني، وبعد يوم انفصل عنها لسبب لا أعرفه! واعتذر لي عمّا فعله، وحلف على المصحف أنه لن يُعيد ذلك، فقلت له إنني سأؤجل الزواج لسنة أخرى، لكنني لا أدري ماذا أفعل، هل يستحق المسامحة؟ هل يستحق فرصة؟ هل من الممكن أن يُعيدها؟ ما الذي يجب أن أفعله؟ وما هو سبب خيانته؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ هذا الاهتمام، والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقكِ، وأن يُصلح الأحوال، وشكرًا لكِ على هذا الحرص على الخير، والطاعة لله -تبارك وتعالى-، ونحيي أيضًا حرصك على هذا السعي الطيب في تشجيع الخاطب على تلاوة القرآن، والسير في الطريق الذي يُرضي الرحيم الرحمن، مالك الأكوان.

ولا شك أن الخطأ الذي حصل من الخاطب لا يمكن أن يُقبل من الناحية الشرعية، وللشيطان مداخل كثيرة، ولكن هذا لا يعني أن الخطأ يُقابل بخطأ، ولا أن الخطأ يعني نهاية الطريق أو استحالة الإصلاح، فإذا وُجد في هذا الشاب ندمٌ، وصدق توبةٍ وإنابة ورجوع، فأرجو أن تُعطي لنفسكِ وله فرصة.

واعلمي أن مثل هذه المواقف تمرّ، وأن الفتاة المذكورة لم يكن ليعرفها في الأصل لولا ذهاب والدته إلى المستشفى، وكونها -أي الفتاة- قدّمت بعض الخدمات لوالدته، وقطعًا هذا لا يبرر ما بدر منه من تجاوزات معها، لكن هذا يدل على أن تلك العلاقة كانت علاقة سطحية، عابرة، لا جذور لها.

أما العلاقة الراسخة والثابتة فهي علاقتكِ به، في هذه العلاقة التي تحوّلت بوضوح إلى علاقة أسرية، فأنتِ جئتِ مع والدتكِ لزيارة والدته، إذًا العلاقة لم تعد محصورة بينكِ وبينه، بل بين أُمٍّ وأُمٍّ، بل أصبحت بين أسرتين، بل ربما بين قبيلتين، وهذه من علامات العلاقة التي يُراد لها الاستقرار والاستمرار.

وعليه، فإذا اعتذر عمَّا حصل، وظهرت عليه علامات التوبة والرجوع إلى الله -تبارك وتعالى-، فنقترح في هذه الحالة إعطاء فرصة لإكمال المشوار، ولا نؤيد فكرة التأجيل لعام كامل، فليس في ذلك مصلحة لأحد، بل إننا إذا صعّبنا طريق الحلال وباعدنا بينه وبين حصوله، فتحنا الأبواب لما سوى ذلك، ويسّرنا بذلك فرص حصول الحرام، وقد قال ﷺ: «لم يُرَ للمتحابَّين مثلُ النِّكَاح» [رواه ابن ماجه].

فإذا كان الشاب جاهزًا ومستعدًّا، فخير البرّ عاجله، ولا شك أن ما حدث منه موقفٌ يحتاج إلى توبة نصوح، ورجوع صادق إلى الله تعالى، فإذا ظهرت عليكِ دلائل صدقه وندمه، فأرجو أن تُكملي معه المشوار، وإن كان هناك مجال لتواصله معنا، فليتواصل مع الموقع ويعرض ما حصل، ليجد التوجيه من إخوانه وآبائه من أهل الرأي والحكمة.

إذًا هو يستحق المسامحة، وأنتِ أيضًا تستحقين أن تُعطي نفسكِ فرصة، ولا بد أن تعلمي أن إتمام الحلال، واكتمال مراسيم الخطبة والزواج من أكبر الأسباب المعينة على تحرّي الحلال، والخروج من دائرة الحرام.

نسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً