الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشك في جاري أنه يسرق أشيائي، فهل أظلمه بظني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعيش في غزة، وظروف الحرب صعبة جدًا، فكل شيء أصبح غالي الثمن، حتى الأشياء التي كانت بلا قيمة أصبحت اليوم ذات قيمة كبيرة.

زارني أحد جيراني، وكان قد سرق مني في السابق مطرقة جديدة غالية الثمن، وعندما واجهته وقتها، أنكر أنه أخذها، مع أنني كنت متأكدًا أنه لا يوجد أحد غيره دخل إلى الشقة الجديدة.

مؤخرًا فقدت بعض البطاريات الصغيرة التي كانت في الخزانة، وقد لاحظت أنه قام بفتحها قبل دقائق، فشككت أنه هو من أخذها، فقلت له: هل أخذتها؟ فغضب كثيرًا وأنكر، وتبين لاحقًا بعد نحو ساعة، أن أخي هو من أخذ البطاريات، هل عليَّ شيء بسبب هذا الظن وسوء الظن فيه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب.

أولًا، نسأل الله تعالى أن يُفرّج عنكم، ويجعل لكم من كلِّ ضيقٍ مخرجًا، ومن كلِّ بلاءٍ عافيةً.

ثانيًا، نود أن نذكّرك أن سوء الظن بالمسلم من غير سببٍ، يقتضي هذا الظن السيئ، معصية من المعاصي التي حرمها الله، ونهى عنها، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12] وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ" [رواه البخاري ومسلم]، أي أن الظن أكثره كذب، لأنه يتحدّث به الإنسان وكأنه حقيقة، وهو في الحقيقة كذبٌ صرفٌ، ولا يستند إلى دليل، وظنُّ السوء بالمسلم يبعث ويدعو إلى أنواع أخرى من التصرفات المحرَّمة، كالبحث عن تحقيق هذا الظن بنوع من التحسُّس والتجسُّس.

ولذا نقول: إنك قد أخطأت في حق صاحبك هذا، وقد تبيّن لك أنت من خلال التجربة العملية هذه أن الظن قد يقع، ويكون الأمر بخلافه، وقد تبيَّن لك أن صاحبك هذا بريء ممّا ظننته به، من أنه أخذ هذه البطاريات، وهكذا في وقائع كثيرة في هذه الحياة، سنظنُّ بأن فلانًا فعل كذا، ثم يتبيّن لنا أنه لم يفعل.

وأحيانًا قد لا تتيسّر الأمور حتى تتضح هذه الحقيقة، ولكن يبقى الظنُّ هو الظن الذي نهى الله تعالى عنه؛ لأنه غالبًا ما يكون مبنيًّا على أوهام، أو تخمينات لا حقيقة لها، فيُفضي إلى الكذب والاتهام بالباطل، ويزرع الشحناء والبغضاء.

الأمر سهل ويسير -أيُّها الحبيب-، وهو أن تتوجّه إلى هذا الأخ بالاعتذار، وتطلب منه العفو والمسامحة، وتبيّن له السبب الذي دعاك إلى أن تظن هذا الظن، وبذلك تُصلح -إن شاء الله تعالى- ما أفسدته، وتتعلّم من هذه الوقائع ألَّا تظنَّ بالإنسان إلَّا خيرًا، ما لم تقم لديك أمارات ودلائل وقرائن تدلُّ على أنه أهلٌ ويستحق ذلك الظنّ به.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً