السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل الإنسان المريض والغائب عن الوعي يتعرض لسكرات الموت عند موته؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل الإنسان المريض والغائب عن الوعي يتعرض لسكرات الموت عند موته؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاطف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أخي الكريم- في الاستشارات، ونسأل الله تعالى أن يلطف بنا وبك، وأن يُحسن خِتامنا.
أمَّا بخصوص سكرات الموت، فهي حق ثابت، وقد جاء في الحديث ما يصف شدتها من خلال ما وقع لرسول الله ﷺ حين حضرته الوفاة؛ حتى قالت عائشة رضي الله عنها: «مَا أَغْبِطُ أَحَدًا بِهَوْنِ مَوْتٍ بَعْدَ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ شِدَّةِ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ»، وقَالَتْ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَمُوتُ وَعِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ، فَيُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ»، وقالت: وكَان يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ لَسَكَرَاتٍ».
السكرات المقصود بها: ما يغشى عقل الإنسان بسبب شدّة نزع الروح ومفارقتها للجسد، فيغشى عقله ما يُشبه السَّكرة من الشدّة، نسأل الله أن يُهوِّن علينا سكرات الموت.
وقد كان كثير من السلف يستحبّون أن يُجْهدَ عند الموت؛ لأنهم يعلمون أنه كفّارة، وكان عمر بن عبد العزيز يقول: "ما أحب أن تُهوَّن عليَّ سكرات الموت؛ لأنها آخر ما يُكفَّر به عن المؤمن".
هذه السكرات قد لا يشعر بها من يجاور المحتضر بسبب إغمائه أو حالته الصحية التي قد تمنعه من الإدراك، ولهذا لا يمكن لأحد أن يحسم ما إذا كان المغمى عليه سيتعرض لسكرات الموت أم لا، فالله تعالى قد يسهّل الموت على بعض عباده، فيموتون دون معاناة أو سكرات، كما هو حال الشهيد الذي يُقتل شهيدًا، أو من يُبشّر عند الموت بالرضوان والكرامة؛ فتُنتزع روحه بسهولة ويسر.
وقد قال الإمام ابن رجب -رحمه الله-: "إذا أراد الله أن يُهوِّن على عبدٍ الموت، هوَّنه عليه"، وقال النبي ﷺ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءهُ».
فالآثار في هذا الباب كثيرة، وكلها تدل على أن الله سبحانه يلطف بعبده المؤمن، ويُثبِّتُه، وقد يبتليه -سبحانه وتعالى- بهذه السَّكرات وشدتها كفَّارة له، أو رفعةً لدرجاته، وقد يُهوِّنُ عليه الموت ويُسهله، بغضّ النظر عن الحالة المرضية لهذا المريض من وجود الوعي أو عدم وجود الوعي.
نسأل الله تعالى أن يُحسن خِتامنا.