الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الابتلاء بالمسّ يؤدي إلى الإصابة بالوسواس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لديّ سؤال: أنا أعاني من مسّ عاشق منذ تسع سنوات، وعرفت أن لديّ مسًّا عاشقًا لأنني أحتلم أن شخصًا يجامعني في الحمّام، وأرى الثعابين في المنام.

كما أن الوسواس القهري يلازمني منذ أن ابتُليت بالمسّ، فهل يمكن أن يسبب المسّ العاشق الوسواس القهري؟ لأنه قبل أن أُبتلى بالمس، لم يكن لديّ وسواس قهري، وهل يؤثر المسّ على الإصابة بالوسواس؟

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ضياء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونشكر لك ثقتك، ونسأل الله أن يشفيك شفاءً تامًّا لا يُغادر سقمًا، ويكفيك شرّ ما أهمّك، ويجعل لك من كل همٍّ فرجًا، ومن كل بلاءٍ عافية.

سؤالك في غاية الأهمية، وفيه شقّان:

- هل المس العاشق حقيقي؟
- وهل له علاقة بظهور الوسواس القهري؟

ونجيبك بعون الله وتوفيقه بعلم وهدوء:

أولًا: هل المس العاشق حقيقة؟
نعم، المس العاشق أمر ثابت، وقد أقرّ به كبار العلماء، وهو نوع من اقتران الجنّ بالإنس، ويظهر بأعراضٍ معينة، منها:

- الاحتلام المتكرر غير الطبيعي، خصوصًا في الحمّام أو مع أشكالٍ مخيفة.
- رؤية الثعابين، أو الكلاب السوداء، أو التعرّض للملاحقة في المنام.
- كراهية الزواج، أو فشل العلاقات العاطفية بلا سببٍ واضح.
- خدر في الأطراف، أو آلام في أسفل الظهر والبطن، دون سبب عضوي.

فما ذكرته من رؤية الجماع في الحمّام، ورؤية الثعابين، هو علامة قوية على وجود أذى غير مرئي.

ثانيًا: هل المس العاشق يُسبب الوسواس القهري؟

الجواب: نعم، قد يكون سببًا مباشرًا أو غير مباشر.

كيف ذلك؟
المسّ يؤثر على النفس والعقل، وقد يُفضي إلى الوساوس: فقد يُدخل الجنيّ الوسوسة في ذهن المصاب، ويكرّر الفكرة حتى تثبت وتؤذي، وقد يبدأ بالوسوسة في أمور الطهارة، أو الصلاة، فيحوّل العبادة إلى معاناة.

قال الله تعالى: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} [الناس: 5]، وقد قرر بعض أهل التفسير أن هذه الوسوسة تشمل الجنّ . وقد لا يكون المسّ هو المُسبب المباشر، لكنّه يضعف النفس، ويهيّئها لتقبّل الوسواس بسهولة، أو يُعمّق الوسواس الذي كان خفيفًا في الأصل.
لذلك، ليس غريبًا أن تبدأ الوساوس بعد إصابتك بالمس العاشق، ولا يدلّ ذلك على ضعف في الإيمان أو المرض العقلي، بل هو أذى له مدخل، يحتاج إلى غلقه بالأسباب الشرعية واليقين بالله.

ثالثًا: ما الحل؟
1- الرقية الشرعية المنتظمة:
- اقرأ سورة البقرة يوميًا، أو اسمعها كاملة بتدبر.
- واظب على قراءة آيات الرقية، وخاصة: الفاتحة، آية الكرسي، المعوذات.

2- الاغتسال بالماء المقروء عليه: اقرأ الرقية على ماء، واغتسل به مرة أو مرتين أسبوعيًا، وأضف إليه سدرًا مطحونًا –إن تيسّر–.

3- مواجهة الوسواس دون استجابة: لا تناقش الفكرة، لا ترد عليها، لا تحاول إقناع نفسك بعكسها، بل التجاهل الكامل هو أنجح علاج للوسواس؛ لأن الوسواس يقوى بالانشغال به.

4- الاستعانة براقٍ ثقة: إن تيسّر لك راقٍ شرعي موثوق، فاستعن به، ولا تذهب لأيّ شخص، بل ابحث عن من عُرف بالاعتدال والقرآن، لا الخرافات.

5- إن استطعت الذهاب إلى العمرة، والشرب من ماء زمزم، فخير كثير.

وأخيرًا: ما بك ليس خيالًا، ولا ضعفًا إيمانيًا، ولا جنونًا -كما قد يوهمك الشيطان-، بل هو ابتلاء يُبتلى به الأخيار، والشفاء منه ممكن -بإذن الله-، متى ما صبرت، واستعنت بالله، وواظبت على التحصينات والأذكار واليقين.

وتذكر قول الله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}، {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.

نسأل الله أن يشفيك، وأن يعافيك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً