الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أجاهد في الالتزام بالحجاب وتأتيني وساوس حوله، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة عمري 18 عامًا، و-الحمد لله- أنا محافظة على صلاتي ووردي اليومي من القرآن والأذكار، وأحب الله، وأحاول قدر الإمكان أن أؤدي الطاعات، ولكن هناك أمرٌ يؤرقني، فقد ارتديت الحجاب، مع أن الله يعلم كم كانت هذه الخطوة ثقيلة على قلبي، وأجاهد نفسي لأرتديه بالطريقة الصحيحة.

ورغم وجود بعض الأخطاء، إلا إنني أرتدي لباسًا محتشمًا عمومًا، ومع ذلك أعلم -والله أعلم بحالي- أنني مقصّرة، أنا لا أسألكم لتقولوا لي: "جاهدي نفسك"، لأن الله يعلم أنني أجاهدها قدر ما أستطيع.

لكن سؤالي الصريح هو: هل أُعتبر مثل من لا ترتدي الحجاب أصلًا؟ أم أنني لا أُعدّ مرتديةً للحجاب؟ أحتاج إجابة صريحة، فقلبي يتألم، وأريد أن أطمئن؛ حتى أبذل جهدًا أكبر في الالتزام بالحجاب الشرعي.

أحيانًا يوسوس لي الشيطان فأقول: طالما أنني لا أرتديه كاملًا، فلماذا لا أخلعه؟ فلا فرق! وفي الوقت نفسه، أخشى عقاب الله، وأشعر بالضيق الشديد.

أفتوني جزاكم الله خيرًا، فإني أعاني من مشكلات نفسية، ورغم ذلك ما زلت أجاهد نفسي قدر استطاعتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رقية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بكِ -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقكِ وأن يصلح الأحوال، وقد أسعدنا هذا الحرص على الخير، وأفرحتنا المحافظة على الصلاة، فإنها أهم شرائع الإسلام بعد كلمة التوحيد.

وسعدنا بحرصكِ على المحافظة على الورد اليومي من القرآن الكريم والأذكار، وأعظم من كل ذلك حبكِ لله -تبارك وتعالى- وحرصكِ على فعل الطاعات، ونسأل الله أن يعينكِ على الخير.

والنبي ﷺ أمرنا أن نطيع الله -تبارك وتعالى- وجعل سبحانه الفلاح في طاعته واتباع رسوله ﷺ.

وأنتِ تُشكرين على هذا القدر من الاحتشام، ونطالب بالمزيد المزيد من الخير، وليس هنالك مقارنة بين من المتبرجة وبين من تحاول وتجتهد وتحسِّن حجابها يومًا بعد يوم، فإن أمر الحجاب كأمر الصلاة؛ فكما أنّ المسلم يبدأ بالصلاة ثم يسعى لزيادة الخشوع والخضوع، فكذلك الحجاب، يبدأ الإنسان بلباس ساتر ثم يُحسِّن هذا اللبس مع الوقت، وهو في كل ذلك يريد الخير وينال الأجر عند الله -تبارك وتعالى- فلن تكوني أبدًا مثل المتبرجة؛ ويكفي هذا الحرص الذي دفعكِ للسؤال والتواصل مع موقعك.

ونتمنى أيضًا إذا كان أشياء محددة تريدين السؤال عنها في أمر الحجاب، أو هناك شبهات تحتاجين إلى علاجها، فلا مانع من أن تتواصلي مع موقعك، فنحن نشرف أن نكون في خدمة بناتنا وأبنائنا، وزادكِ الله حرصًا وخيرًا.

أكرر: الفرق كبير جدًّا بين من ترتدي الثياب الساترة وتسعى لتكملتها وتريد أن تصعد بها لتكون حجابًا كاملاً، وبين المتبرجة، المتبرجة على خطر عظيم، أمَّا أنتِ ففي خير كثير، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينكِ على بلوغ الكمال والتمام، والله تعالى يُجازينا على أعمالنا، ولا تضيع عنده مثقال ذرة من الخير، ويسائِلُ عن مثقال ذرة من الشر، ونسأل الله أن يعينكِ على كل أمر يُرضيه سبحانه وتعالى.

ولا تشعري بالضيق، بل اجتهدي واستشعري بالحلاوة وأنتِ تطيعين الله -تبارك وتعالى- الذي شرع هذه الشرائع، واعلمي أن حبكِ لله -تبارك وتعالى- هو الذي سيدفعكِ لطاعته، فازدادِي لله حُبًّا، وازدادي محافظة على صلاتكِ وأورادكِ وأذكاركِ.

ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينكِ على بلوغ الكمال والتمام في كل الأمور الشرعية، وأن يعينكِ على الخير، وشكرًا لكِ على التواصل مع الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً