الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت الأمل في الحياة بسبب جسمي، ومشاكلي النفسية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو أن يتّسع صدركم لمشكلتي، فهي عظيمة، أنا شاب عمري 36 عاماً، أعاني من مشكلتين، جسدية ونفسية، منذ الطفولة، وللأسف لم أتمكن من إيجاد حل لهما حتى الآن.

أما المشكلة الجسدية: فجسدي منذ صغري يسبب لي إحراجًا أمام الناس؛ حيث أعاني من سمنة بسيطة في الجزء السفلي من جسمي، مع بروز في منطقة الأرداف؛ مما يجعلني أشعر بالخجل الشديد، كما أنني قصير القامة، وملامح وجهي تبدو طفولية إلى حدٍّ ما، زرت طبيبًا متخصصًا في الغدد الصماء، وأجريت تحاليل هرمونية، وأخبرني أن النتائج جيدة، ونصحني بألا أنشغل بهذه الأفكار.

وأما المشكلة النفسية: فأنا أعاني من (سوء حظ) غير طبيعي في جميع مجالات حياتي، سواء في الزواج، أو العمل، أو حتى في أبسط الأمور، زرت شيخًا معالجًا بالقرآن، وأخبرني أنني محسود، ونصحني باتباع برنامج علاجي مدته ثلاثة أسابيع، لكنه كان شاقًا جدًا، تابعت البرنامج لمدة أسبوع، ولم أشعر بأي تغيير؛ لذلك توقفت، انعزلت عن الناس، وللأسف أصدقائي لا يحبون الخروج من المنزل، وقد تزوجوا جميعًا، وبقيت أنا وحدي.

للأسف، وقعت في فخ إدمان مشاهدة المحتوى الإباحي منذ سنٍّ مبكرة، مما ساهم في تدهور حالتي النفسية، وإصابتي بالاكتئاب، تابعت العلاج بـ"سيبرالكس" لمدة سنتين تقريبًا، ثم "سيبرامكس" لمدة سنة، والآن أتناول "ديورازاك" منذ سنتين وحتى الآن.

ها أنا على أعتاب السابعة والثلاثين من عمري، قضيتها بالحزن والألم والمعاناة، فقد توفّي والدي بسنٍّ مبكر، ووالدتي حزينة جدًا بسبب عدم زواجي حتى الآن، ولا أعلم ماذا أفعل بعدما استنفذت كل وسائل العلاج الممكنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك أخي الفاضل عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا مجددا بهذا السؤال، وواضح من سؤالك أنك تعاني منذ طفولتك بهذه الأمور، التي ذكرتها بشكل جيد في سؤالك هذا، وفي سؤالك السابق إلينا.

أولًا: نحمد الله تعالى -أخي الفاضل- أنه بالرغم من كل هذه المعاناة، فقد درستَ وتخرجت مهندسًا، ولعلك تعمل الآن في مجال تخصصك الهندسي، فأدعو الله تعالى لك بتمام التوفيق.

أخي الفاضل: ورد في سؤالك عدة جوانب:
الجانب الأول: وهو موضوع الجسم، من بروز منطقة الأرداف؛ مما يشعرك بالحرج الشديد وقصر القامة، لقد تطور ما يسمى بالجراحة التجميلية (Plastic surgery) تطورت كثيرًا، وبحيث أن الإنسان إذا كان عنده عيب خلقي، فيمكن أن يُصحح عن طريق استشارة طبيب جراحة تجميلية، على أن يكون صاحب خبرة، ويخشى الله تعالى، ولا يكون عمله تجارة، وإنما مساعدة للناس، وليس فيه تغيير لخلق الله، فهذا أمر يمكن استشارته والوصول إلى نتيجة معينة، إن استطعت أن تقوم ببعض التصحيح فلا بأس، وإلا فعلينا أن نعمل -كما ورد في جواب سؤالك السابق- أن نعمل على التكيف مع ما أعطانا الله إياه تعالى، وهو ابتلاء، يعني نُجاز عليه بالثواب العظيم إن شاء الله تعالى.

ولا شك -أخي الفاضل- وبسبب معاناتك هذه، فقد شعرتَ بالعزلة والوحدة، ولذلك وأنت في عزلتك ووحدتك تعرفت ووقعت في فخ المشاهد الإباحية، فالعزلة وعدم ملء الوقت بالأمور المفيدة، يجد الإنسان نفسه واقعًا في فخ أمور سلبية، وكما يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: "نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر" وهذا أمر يجب أن تعمل عليه؛ لأنه ليس كالأمر الجسدي -خَلقي- ولدت به، وإنما هو أمر متعلَّم مكتسب، وهنا يمكنك أن تُغيِّر هذا لتخرج من هذا الفخ الذي وقعت فيه، فكما دخلت فيه بإرادتك، يمكنك أن تخرج منه بإرادتك أيضًا، أدعو الله تعالى أن يوفقك في هذا.

أما الأمر الأخير -أيها الأخ الفاضل- فهو موضوع الاكتئاب، هل هو حقيقة اكتئاب يحتاج إلى علاج دوائي؟ حيث أنك الآن تتناول دواءً مضادًا للاكتئاب؟ أو أنك تواجه صعوبة التكيُّف مع الوضع الذي أنت فيه؟

اقتراحي: بعد أن تستشير طبيب الجراحة التجميلية، وبعد أن تعمل على تصحيح سلوكك من الخروج من فخ الإباحيات، أن تعيد السؤال: هل أنت مصاب بالاكتئاب أم لا؟ وبتقديري أننا إذا استطعنا أن نُجري بعض العمليات الجراحية التصحيحية، والخروج من الإباحية، فقد تجد نفسيتك أفضل؛ بحيث لا تشعر بالاكتئاب، أو اليأس الذي هو واضح من سؤالك أنه بدأ يتسرب إلى نفسك.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، ويعينك -أخي الفاضل- وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) ولا تنسنا -أخي الفاضل- من دعوة صالحة في ظهر الغيب، وأرجو أن نسمع منك أخبارك الطيبة قريبًا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً