الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الأفكار التشاؤمية حول المستقبل؟

السؤال

أنا رجل في الخامسة والأربعين من العمر، متزوج ولدي أولاد، والحمد لله، أعاني من الاكتئاب والقلق منذ خمسة عشر عامًا، وقد تناولت معظم أدوية الاكتئاب، كما خضعت لجلسات كهربائية، ولكن دون جدوى.

الأعراض التي أعاني منها حاليًا هي: الخوف من المستقبل، والخوف من الموت لي ولأولادي، وتراودني أفكار تشاؤمية بأن شيئًا سيئًا سيحدث لي ولأسرتي، كما أعاني من تشتت في التفكير، وإرهاق جسدي، مثل: صعوبة التنفس، والتعب من أقل مجهود، أجريت تحاليل وأشعة ورسم قلب، والحمد لله كانت النتائج مطمئنة.

حاليًا، أتناول علاج دوجماتيل 50 قرصين صباحًا وقرصين مساءً، وأتناول برينتليكس 20 مساءً، وأفيكسور 75 مساءً، وأولابكس 5 مساءً، ومع ذلك، لا تزال الأعراض التي ذكرتها مستمرة.

أرجو منكم النصيحة بشأن العلاج، ولكم جزيل الشكر، أعتذر على الإطالة، ولكنني مرهق جدًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك -أخي الفاضل- مجددًا عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أخي الفاضل: من الواضح -كما ورد في سؤالك- أنك تعاني من الاكتئاب والقلق منذ زمن طويل قد يتجاوز 15 عامًا، وواضح أيضًا أنك تناولت العديد من الأدوية النفسية، حتى أنك اضطررت إلى استعمال الجلسات الكهربائية، ولكن تقول إن كل هذا كان بدون نتائج، وبمراجعة الأسئلة السابقة التي أجاب عليها زملاء لنا، ونظرًا للأدوية الأربعة التي وردت في سؤالك هذا، فإني أجيب على استشارتك بالنقاط التالية:

أولًا: نعمتان أعطانا الله إياهما، أحيانًا قد لا نحسن استخدامهما:
• الأولى: القدرة على التذكُّر، فتجد كثيرًا من الناس يتألمون -أو يشعرون بالحزن والاكتئاب- على أمور مضت في السنوات السابقة.

• النعمة الثانية: قدرتنا على التفكير في المستقبل، فنجد النصف الآخر من الناس قلقٌ على أمور مستقبلية قد تحدث، وقد لا تحدث.

لذلك أولًا أنصحك -أخي الكريم- أن تعيد النظر في هذا، وخاصةً أنك تعاني من القلق والخوف من المستقبل، والخوف من الموت، سواء لك أو لأولادك، ولا ننسى -وأنت أعلم بهذا- أن الأعمار بيد الله تعالى، والله تعالى أمرنا بتذكُّر الموت، ليس ليقعدنا عن الحياة، وإنما ليدفعنا إلى أن نُحسن العمل في هذه الحياة، متوكلين عليه سبحانه وتعالى.

النقطة الثانية: تتعلّق بالأدوية الأربعة التي تتناولها؛ إذ منها دواءان مضادان للذهان، وهما:
• دوجماتيل (Dogmatil)، واسمه العلمي: سولبيريد (Sulpiride).
• أولبيكس (Olpex)، ويُعرف أيضًا بالاسم العلمي: أولانزابين (Olanzapine).

وأما الدواءان الآخران، فهما من مضادات الاكتئاب، وهما:
• برينتليكس (Brintellix).
• إيفيكسور (Efexor).

وأنا عادة لا أنصح بتعدد الأدوية النفسية بهذا الشكل، الذي أنصح به هو أن تعتمد على دواء واحد، مثلًا: مضاد للاكتئاب، ولكن أيضًا لاحظتُ أن الأدوية الأربعة التي أنت عليها متنوعة، ولكن جرعاتها قليلة، ودون المستوى المطلوب، فالذي أنصح به أن تعود إلى طبيبك النفسي مجددًا، الذي يُشرف على علاجك، وتحاول معه ترشيد هذه الأدوية، بحيث تكتفي بدواء واحد مضاد للاكتئاب، ولكن لا بد في علاج الاكتئاب من التالي:

أولًا: أن نتأكد من التشخيص، هل هو اكتئاب وقلق، وليس أمرًا آخر؟
ثانيًا: أن يكون الدواء المستخدم واضحًا أنه يفيدك.
ثالثًا: أن تكون الجرعة مناسبة.
رابعًا: أن تُمنح المدة الزمنية الكافية للعلاج، ليأخذ الدواء وقته الكافي، ليقوم بدوره المطلوب.

وإذا احتجت إلى دواء آخر مضاد للحالة الذهنية، فنكتفي أيضًا بدواء واحد، ولكن بالجرعة المناسبة، لذلك -أخي الفاضل- أنصحك بالعودة إلى طبيبك النفسي لترشيد هذه الأدوية، والاكتفاء بدواء أو دوائين على الأكثر.

الأمر الأخير: الدواء هو أحد طرق العلاج، ولكن لا بد من مرافقته بالعلاج المعرفي السلوكي، وهنا أذكر لك فقط الجانب السلوكي، وهو:
• أن تحاول أن تبذل جهدًا في ممارسة أمور حياتك؛ من الخروج من البيت، والانخراط في الحياة الاجتماعية، وممارسة عملك كمحاسب بالشكل الطبيعي.

• ألا يمنعك الخوف من الموت من أداء أعمالك، والأمور التي تحب القيام بها.

• أخيرًا: لا بد من اتباع نمط حياة صحي، وهذا يشمل: ساعات نوم كافية، ونشاط بدني منتظم، وتغذية صحية مناسبة، وخاصة لمن هو في عمرك.

أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، وأرجو أن نسمع منك أخبارك الطيبة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً