الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أتقبل تعامل زوجي مع النساء رغم التزامه الحدود، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجي محترم ويعرف ربه، والحمد لله ملتزم بالصلاة في وقتها وفي المسجد، وأخلاقه جيدة ويتعامل معي بالمودة، وهو طبعًا محب للمساعدة والتطوع، وشخص اجتماعي جدًّا.

خلافي معه أنه في مرة أراد أن يقوم بمشروع تطوعي، وعرضه على مجموعاته ومنصاته الاجتماعية، وهناك بنت طلبت أن تدخل معه، وفعلاً بدؤوا يتواصلون عبر الشات والهاتف، لمناقشة المشروع كيف سيمضي.

أنا كنت معارضة من البداية، لأنه سيشغل نساء معه، ولأنه غير مضطر، ولأن ذلك سيتطلب تواصلًا مستمرًا معهن، اطلعت على الشات بينهما، نعم كان يتحدث بحدود، ولم يكن هناك مزاح أو كلام خارج، لكنه كان يشجعها في كلامه عن المشروع، وكان يقول لها: إنه حلمها أيضًا، لم أحب هذا الأمر، وتضايقت كثيرًا.

هو الآن منشغل بأكثر من عمل، ومنذ عدة أشهر لم يفكر في المشروع أو يتواصل معها، وعرفت ذلك لأنني دخلت الشات مرة بدون علمه، لأتأكد من تواصله معها أم لا، ولكن الآن علمت شيئًا جديدًا، أن فتاة تريد العمل معه، ودخلت له على إحدى منصاته تسأله، لأن مجالهم واحد، وقال لها: إنه قد يحتاجها في عمل له علاقة بالجرافيك، وقريب من باب المساعدة، ونشر لها على منصته أنها تريد العمل.

أنا الآن حزينة، لأننا تحدثنا كثيرًا وأخبرته أنني لا أحب أن يتعامل مع نساء، طالما هو غير مجبر أو مضطر لذلك، وهو لا يحب أن أتحدث معه في هذا الموضوع، معللًا أنه يعلم حدوده، ولا يسمح لأحد أن يتعدى حدوده.

هو لم يقل لي آخر شيء، بل أنا علمت من خلال دخولي للشات ورؤيتي للموضوع، وهذا سبب لي مأزقًا نفسيًا، ولا أستطيع التعافي والاهتمام بحياتي، ونفسي دائمًا مركزة معه، وأريد أن أعرف كل شيء يفعله.

أحتاج منكم أن تخبروني: هل أنا على حق أم لا؟ وكيف أتوقف عن التفكير والضيق الذي يصيبني، كلما علمت أنه تواصل مع إحدى زميلاته، سواء طلبت منه شيئًا أو هو طلب منها؟ وهل تعامله حرام أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ هذا السؤال، وحسن عرضك للسؤال، وأيضًا نُحيي ثناءك على هذا الزوج المحترم، المصلِّي، المحافظ على الجمع والجماعات، المتميِّز بأخلاقه، وبحبه لمساعدة الآخرين.

لا شك أن عمل الرجل مع الرجال أفضل له، لكن أرجو أن تعلمي أن طبيعة الحياة تقتضي أن يكون للإنسان مثل هذه التداخلات؛ فميدان العمل، والتجارة، والمهارات، هو ميدان يدخل فيه الرجال وتدخل فيه النساء، والمهم عندنا هو أن تقومي أنتِ بواجبك تجاه هذا الزوج، وتُعاونيه على الخير، وشكرًا لك على هذا النصح، وشكرًا لك أيضًا على هذه الغيرة على زوجك، وهذا من حقك، ولكن نتمنى ألَّا يأخذ الموضوع أكبر من حجمه.

عاونيه على أن يُطيع الله -تبارك وتعالى- واقتربي من حياته، وقومي بالواجبات التي عليك، وذكِّريه بالله -تبارك وتعالى- ولكن نحذِّرك من محاولة التجسّس على هاتفه، أو التحسس لأي موقف من هذه المواقف، التي لا بد أن تمر، فإنكِ بهذا ستتعبين نفسك، فطبيعة الحياة المعاصرة بميادينها العلمية والعملية والحياتية، تقتضي أن يُقابل الرجالُ النساءَ، وأن يتعرض الإنسان لمثل هذه المواقف، والشرع يأتي هنا ليضبط العلاقة بين الرجال والنساء بقواعده، التي باعد بين أنفاس الرجال والنساء، فجعل خير صفوف النساء آخرها، لبُعدها عن الرجال، وحكَمَت التعاملات بينهم بأن تكون بالمعروف، وبكلام محدود، ودون خضوع في القول.

يظهر أن هذه الأمور التي تخافين منها غير موجودة، والدليل أنكِ –من خلال المواقف التي ذكرتِها– لم تري تجاوزات شرعية، كما أن الرجل حريص على الالتزام بهذه الحدود، التي ينبغي أن يلتزم بها كل مسلم، يراعي الله ويراقبه تبارك وتعالى.

كوني عونًا له على الخير والطاعة، ولا مانع من أن تدخلي معه في حياته العملية، وتعلمي المهارات التي يحتاجها، لكن التجسس والبحث والنظر، ومراجعة الأشياء الخاصة له، هذا باب إذا فتحه الشيطان، فإنه سيجلب لك وله الأتعاب، وسيكون سببًا في غرس الشكوك ومدخلًا للشيطان، فتعوذي بالله من شيطان لا يريد للبيوت الاستقرار، ولا يريد للناس السعادة.

نحن نرى أن العلاقة بينك وبين هذا الزوج علاقة نموذجية، وإمكانية تطويرها وتحسينها كبيرة أيضًا، وذلك من خلال القُرب منه، ومُعاونته على مهامه، والدخول إلى حياته، وزيادة القواسم المشتركة، والثناء على إيجابياته، والتذكير له ولنفسك بالله تبارك وتعالى.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، وأن يُعينه على الالتزام بالقواعد الشرعية في كافة تعاملاته، ونكرر لكِ الشكر على تواصلك مع الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً