الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حجم جسمي يبدو أصغر من عمري وأهلي يعارضونني في الحجاب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة، عمري 17 سنة، سأدخل الكلية بعد ما يقارب الشهر، طولي 147 سم، ووزني 37 كلغ، وهذا ليس لسبب مرضي، فقد ولدت بحجم أقل، حاولت ارتداء الزي الشرعي (الفضفاض غير المخصر)، لكن أهلي ومن حولي أخبروني بأنني أبدو بمظهر طفلة في العاشرة، وبالفعل ففي الشارع لا ينظر لي كبالغة إلا حين أتكلم أو أبدي ما يظهر نضجي، ويخبروني بأن مظهري بالزي الشرعي غير مريح للنظر؛ لأنني أبدو غير مرتاحة في كومة ملابس وأنا صغيرة الحجم، ويحاولون إقناعي بأنه ليس واجبًا علي هذا النوع من الثياب، وأن أكتفي ببنطال ليس بضيق ولا واسع مع قميص فوق الركبة، لكني أشعر أنني أعصي الله، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روميساء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يسترك بستره العظيم.

ابنتنا الفاضلة: ما أجمل أن يشرق قلبك بهذا النور، نور الحرص على طاعة الله، والسعي لأن يراك حيث يحب، وهذه دلالة خير نسأل الله أن يثبتك على الطاعة.

ابنتنا: لقد حملت همّ الحجاب الشرعي في زمنٍ أصبح فيه التمسك به ثقيلاً على بعض النفوس الضعيفة، ثم أنت تواجهين همّين متداخلين: أولهما: شوقك لأن تحيي أمر الله في ملبسك، فتكوني كما أراد سبحانه: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾.

وثانيهما: ما تلقينه من نظرات وكلمات، تُشعرك أنك حين ترتدين الفضفاض تبدين طفلةً لا شابة يافعة، فيحاولون دفعك إلى التخفف من الستر.

ولذا نقول: الحجاب ليس مجرد قماش، بل هو طاعة أمر، وصيانة عرض، وحراسة قلب، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾، وقال النبي ﷺ: "صنفان من أهل النار لم أرهما... ونساء كاسيات عاريات..."، والحجاب الشرعي هو الحصن الذي يقيك من هذا الوعيد.

وشروطه:
- أن يستر الجسد كله (إلا ما اختلف فيه من الوجه والكفين).
- أن يكون واسعًا غير شفاف.
- غير واصف ولا مزخرف بزينة لافتة.
- وليس من شرطه أن يغرق الجسد في أثواب أضخم من الحاجة، بل يجمع بين الستر والاعتدال.

صغر حجمك لا يمنعك أن تجمعي بين الحشمة والأناقة، بل قد يكون ذلك سرّ تميّزك.
اختاري ثيابًا مفصّلة على مقاسك، لكنها فضفاضة بالقدر الذي يخفي تفاصيل جسدك.

واعلمي أن التزامك بالحجاب الشرعي علامة إيمان، قال ﷺ: "الحياء شعبة من الإيمان"، والحجاب من أعظم صور الحياء، فكل خطوة تخرجين بها وأنت مستترة هي في ميزان حسناتك؛ لأنك بها تعلنين طاعة الله في زمن الغفلة، وتثبتين أنك أمة لله أولاً، لا أسيرة نظرة الناس أو صيحات الموضة.

ويوم القيامة، حين يشتد الحرّ وتقترب الشمس من الرؤوس، يكون المستترون في ظل عرش الرحمن؛ لأنهم استتروا في الدنيا فأكرمهم الله بالستر في الآخرة.

ابنتنا: القلوب بيد الله، فلا تجعلي رضا الناس ميزانك، فحافظي على حجابك، لكن لا حرج أن تحسّني مظهرك ضمن ما يرضيه سبحانه، وحين يقولون لك: (أنت صغيرة على هذا الزي)، ابتسمي وقولي: (أحب أن أرتدي ما يرضي الله، وأختار ما يناسبني في الوقت نفسه)، وبذلك تحفظين نيتك وتغلقين باب الجدال، أمّا الخروج بالبنطال أمام الأجانب، فغير جائز إذا لم يكن فوقه ما يستر بدن المرأة.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً