الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الوساوس لأطمئن في صلاتي وحياتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، أعاني منذ فترة من خوف شديد عند المذاكرة وأحيانًا عند الصلاة، وهذا الخوف يزول عندما أبتعد عنهما، كذلك تأتيني وساوس متكررة حول الإلحاد وأفكار تجعلني أشعر أني منافق، مع أني لا أريد ذلك إطلاقًا.

أشعر أن هذه الوساوس تتعبني نفسيًا وتؤثر على حياتي، وأريد معرفة كيف أتعامل معها بطريقة صحيحة، حتى أتمكن من الدراسة وأداء صلاتي بطمأنينة.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك أخي الكريم في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يشرح صدرك، ويثبتك على الإيمان، ويعافيك من كل همّ ووسواس.
أخي: ما ذكرته من وساوس يمر به كثير من الشباب المؤمن، بل هو علامة على صدق إيمانك لا على نفاقك، وإليك البيان:

١. الوساوس في الإيمان:
النبي ﷺ قال لأصحابه لما شكوا له من الوساوس: «ذاك صريحُ الإيمان» (رواه مسلم)، أي أن وجود هذه الوساوس مع كراهتك لها دليل على إيمانك؛ لأن المنافق لا يتألم ولا ينزعج منها، بينما المؤمن يتأذى؛ لأنه يحب الله ويخشى أن يكون قد أساء، فاطمئن: أنت لست منافقًا، بل ممتحن بوسواس من الشيطان، يريد أن يحزنك ويشغلك عن الطاعة.

٢. في الصلاة:
الشيطان يسمى "خنّاسًا"؛ لأنه يوسوس عند ذكر الله، ويخنس عند الغفلة، كما في سورة الناس. فخشوعك يُختبر بمقاومة الوسواس، وإذا جاءك الوسواس، فلا تدخل في جدال معه، بل قل: «آمنت بالله»، واستعذ بالله، وامض في صلاتك، ولا تعد ولا تتوقف.

٣. في الدراسة:
الخوف عند المذاكرة قد يكون مرتبطًا بقلق داخلي، أو وسواس قهري، يشعرك أنك ستفشل أو أنك غير قادر.
العلاج هنا:
- ابدأ ببسم الله والدعاء: «اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً».
- اجلس فترات قصيرة (20–30 دقيقة) مع استراحة، حتى لا يرتبط ذهنك بالمذاكرة كشيء مرهق.
- اجعل بين كل مادتين يسيرتين مادة صعبة.
- دوّن كل ما تفهمه بعد أن تنتهي من القراءة.

٤. كيف تتعامل مع الوساوس؟
- التجاهل: لا تناقش الوسواس، ولا تبحث له عن رد منطقي؛ بل اعتبره "صوتًا مزعجًا" وأعرض عنه.
- أكثر من الذكر والدعاء: وخاصة أذكار الصباح والمساء.
- الانشغال بأي عمل إيجابي: كلما هاجمتك الوساوس، انتقل لعمل نافع (قراءة، رياضة، مساعدة أهل).
- اليقين بالله: تذكّر أن الله لا يؤاخذك على خواطر قلبك، فقد قال ﷺ:«إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها، ما لم تعمل أو تتكلم» (متفق عليه).
- رتّب وقتك بين دراسة وعبادة وراحة، فالانشغال المتوازن يقلل من فرص الوسواس.

الخلاصة:
- وساوسك ليست علامة نفاق، بل علامة إيمان حيّ.
- لا تدخل في جدال مع الوسواس، بل تجاهله.
- استعن بالله بالذكر والدعاء، وخذ بالأسباب العملية.
- واعلم أن الله رحيم لا يحاسبك على ما لا تختار، بل يجزيك خيرًا على صبرك.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً