الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يصلي ويشرب الخمر وله علاقات، فهل أتركه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ أكثر من ١٣ عامًا، ومنذ أول شهر من الزواج اكتشفت خيانة زوجي وعلاقته بالنساء، ومشاهداته للأفلام الإباحية.
صدمت جدًّا ولم أتكلم مع أحد؛ حيث كنت حاملًا في ابنتي الأولى، ولكني واجهته، وكان رده أنه لن يحدث ذلك مجددًا، وظل يبكي، ومنذ ذلك الوقت، اكتشفت كل فترة علاقات جديدة حتى الآن!

لم أعد أتحمل هذا الوضع، خصوصًا أنه أصبح لا يتواجد في البيت، ولا يقيم علاقة معي لأكثر من عشرة أشهر، وهو شخص لا يصلي، ويشرب الخمر، ويسهر، ويقضي معظم الوقت خارج المنزل، ولكنه لا يضرب ولا يشتم، ويحب أولاده (وقد رزقنا بثلاثة أطفال).

الآن أصبحت لا أطيقه، ولا أطيق التحدث معه، ولا أدري ماذا أفعل: هل أبعد عنه أم ماذا أفعل لأصبر على هذا الابتلاء؟ وكيف يمكن أن أتعايش معه في ظل هذه الظروف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ - ابنتَنا وأختَنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي هذا الزوج لأحسن الأخلاق والأعمال؛ فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يجنبه المنكرات والفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يَردّه إلى الحق والخير ردًّا جميلًا.

سعدنا بالكلمة التي ختمتِ بها هذه الاستشارة، وهي قولك: «كيف يمكن أن أتعايش معه؟»، وهذه فكرة جميلة، والتعايش معه يبدأ بالاجتهاد في نصحه، وبالصلاة والصلاح والخير.

ونحن ندرك صعوبة ما يحدث، وصعوبة المنكرات التي يقع فيها هذا الزوج، ولكن أرجو أن تبدئي وتبادري بمحاولات إصلاحه وربطه بعياله، وتذكيره بربه، واستبشري بقول النبي ﷺ: «فواللهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ ‌خَيْرٌ ‌لَكَ ‌مِنْ ‌حُمْرِ النَّعَمِ»، فكيف إذا كان الرجل هذا الزوج وأبو العيال، الذي يحب أطفاله؟ ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يعينك على ذلك.

ونحن بحاجة إلى أن نعرف ما عند هذا الزوج من الصفات؛ فأنت ذكرت السلبيات، فما هي الإيجابيات؟ والسلبيات بكل أسف كبيرة وخطيرة، ولكن مع صِدق التوجه إلى الله - تبارك وتعالى - والاجتهاد في النصح له، والأخذ بيده، وتذكيره بأطفاله بعد تذكيره بطاعته لربه، الذي يُمهل ولا يهمل، الذي يستر على الإنسان، لكن إذا تمادى في العصيان فضحه وخذله، وحال بينه وبين التوبة والخير.

أرجو أن تتخذي هذه الوسائل وهذه الأساليب قبل أن تحاولي الخروج من حياتك، ولا تتركي الفرصة للشيطان الذي يُريد أن يباعد بينكم، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يعينك على الخير.

ونتمنى أن تجدي من أهلك ومن أهله من يستطيع أن يساهم في الإصلاح والتوجيه والنصح له، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أيضًا أن يصلح لنا ولكم النِّية والذُّرِّية، وأن يُعينك على مزيد من الصبر، والصبر الذي نريده هو الصبر المصحوب بالدعاء إلى الله - تبارك وتعالى - وبالدعوة والنصح، وبذل الأسباب أكثر من الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.

وحاولي ربطه بعياله، يعني يتحمّل مسؤولياته تجاه هؤلاء الأطفال، واجتهدي أيضًا في إبعاده عن رفقة السوء، بأن تجعلي بيتك جاذبًا، وتهتمي بكل ما يجعله يكون معكم في البيت ويبتعد عن رفقة السوء.

لا شك أن الاهتمام بأمر الصلاة سيكون مفتاحًا لهذا الإصلاح؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وترك الصلاة أمره خطير، رغم أنك لم تذكري هل لا يصلي أبدًا أم يصلي صلاة متقطعة؟ هل يمكن من أهله أو أهلك أن يُعينه على الدخول إلى بيوت الله - تبارك وتعالى - والسجود لله؟ فإن هذا مفتاحٌ للخيرات، نسأل الله أن يردّه إلى الحق ردًّا جميلًا، وبعد بذل هذه الأسباب نتمنى أن تكون الثمرة طيبة، إلَّا أن الإنسان إذا عجز فأمامك خيارات أخرى، ولكن نحن نفضل دائمًا ونؤكد أن للزوجة أثرًا كبيرًا جدًا هي وأبناؤها في إصلاح الزوج، إذا كان عنده نقص وتقصير.

نسأل الله أن يردّه إلى الحق ردًّا جميلًا، وأن يُعينه على تجاوز ترك هذه المنكرات والمعاصي الكبرى الخطيرة، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً