السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من حق الأب عند بلوغ ابنه أن يطرده من المنزل؟ أو أن يقول له: أنا أُسكنك معي بمزاجي، ومن الدين أن أخرجك من المنزل؟ مع العلم أنني لم أنتهِ من دراستي بعد، وكلّ شيء أفعله يُعيّرني به، ويجعلني أنفر منه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من حق الأب عند بلوغ ابنه أن يطرده من المنزل؟ أو أن يقول له: أنا أُسكنك معي بمزاجي، ومن الدين أن أخرجك من المنزل؟ مع العلم أنني لم أنتهِ من دراستي بعد، وكلّ شيء أفعله يُعيّرني به، ويجعلني أنفر منه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قرأتُ رسالتك، وسأحاول أن أقدّم لك بعض الحلول، مع التنبيه إلى بعض الأسباب التي أدّت إلى حالة والدك معك، على النحو الآتي:
أولًا: من الطبيعي أن العلاقة بين الأب وابنه علاقة محبة، وبينهما حقوق مشتركة، والأصل في علاقة الوالدين بالأبناء الإحسان، وفي المقابل على الابن أيضًا طاعة والديه في المعروف، وعدم الإضرار بهما، فالحقوق مشتركة بينهما، فهي مسألة تتطلب توافقًا وحسن تعامل بين الطرفين: الأب وابنه، مع الالتزام بالحقوق الشرعية، ولذا لا يجوز للأب أن يطرد ابنه عند البلوغ، سواء كان البلوغ في الشرع، أو في القانون.
وإن كان الذي يعنينا هو البلوغ في الشرع، وفي كلا الحالتين فالأب مسؤول عن ابنه في الإحسان، ففي الحديث عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ" [متفق عليه].
قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه، وما هو تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء، فهو مطالب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته، فإذا بلغ الولد الذكر وصار مقتدرًا يستعين بنفسه، فعند ذلك لا يجب على الأب النفقة عليه، ما دام قد استغنى بنفسه، وأما وهو لا زال شابًا يدرس، فلا يجوز طرده من البيت، لما في هذا الأمر من العواقب الوخيمة، وليس طرد الابن من البيت من الدين، فهذا كلام غير صحيح، وعلى الأب الرجوع عن هذا الكلام.
ثانيًا: عليك ببر والديك -الأب والأم-، ولا سيما الأب الذي يفكر بطردك من البيت، وهذا البر يكون: بطاعتهما، واحترامهما، والدعاء لهما، وخفض الصوت عندهما، والبشاشة في وجهيهما، فحاول أن تفعل هذا البر مع أبيك؛ لأن الأب إذا كان يحب ابنه، لا يمكن أن يتخلى عنه، بخلاف ما إذا وجد عقوقًا، أو أثرت بمشاكل مع إخوانك وأخواتك، ربما يستعمل الأب هذا الأسلوب المذكور في السؤال.
فلا بد أن تراجع نفسك في هذا الأمر، وأيضًا حاول أن تجعل والدتك تكلم أباك في هذا الشأن، فالزوجة لها تأثير على زوجها، وحاول أن تبحث عن الأسباب التي أدت إلى هذا التصرف، فقد يكون أبوك مريضًا، أو يمر بحالة نفسية غير مستقرة، أو في خصومة معك، أو مع إخوانك، أو غير ذلك من الأسباب.
ثالثًا: بالنظر إلى المسألة من جهة شرعية إذا بلغ الولد الذكر، وكان قادرًا على الكسب، فالنفقة عليه من قبل أبيه، تكون من باب الاستحباب والإحسان، لا من باب الوجوب والالتزام؛ لبيان الحكم الشرعي في سؤالك.
وفي الختام: أسال الله ان يلين قلب والدك، ويصلح أحوالكم جميعًا، اللهم آمين.