السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعود إليكم مرة أخرى وقد أنهكني الهمّ، وأنتم تعلمون أنّي مررت بفترة مرضٍ صعبة، وبسبب تلك الفترة ثار في نفسي سؤال دائمًا يتردَّد، وقد ذرفتُ الدموع لأجله، وأخشى أن يعاودني اليأس من الحياة والهمّ والقلق.
السؤال الذي يؤرقني هو: كنت ملتزمة منذ سن الحادية عشرة؛ لم أترك صلاة واحدة، ولم أكلم شبابًا، وكنتُ بارّة بوالدي، ولم يمرّ عليَّ ثلاثة أيامٍ دون أن أفتحَ فيها كتابَ الله، وكنتُ محافظة على حجابي رغم سخرية من حولي واتهامي بالتشدُّد أو التصوف.
لكن كل هذا تغيّر خلال السنة التي مرضتُ فيها: تركت الصلاة أيَّامًا، وعقَقتُ والديَّ، وصَرختُ على والدتي أثناء نوبات المرض، وكلمت الشباب، وشاهدتُ مسلسلات، وقد هجرتها منذ أن كان عمري إحدى عشرة سنة.
أتساءل: لماذا وقعتُ في ذنوبٍ كنتُ أتحاشاها طيلة حياتي، وأصبح الآن قلبي قاسيًا؛ فإذا وقعتُ في ذنوبٍ لا أحزن عليها كما في السابق، ولا أجد المعصية شيئًا عظيمًا، كأن قلبي تعوّد على المعاصي وقت مرضي.
لم أكن أريد أن أنحرف يومًا، بل جاهدتُ طوال سنوات المراهقة، لأحظى بمكانة الشابة أو الفتاة الذين نشؤوا في طاعة ربّهم، فكيف أستعيد ذلك وقد انحرفتُ وقت مرضي، وعاودتُ ارتكاب الذنوب؟ صحيح أني أرجع إلى الله كل مرة، لكن الحسرة والندم لا يفارقاني لِوقوعي في مثل هذه المعاصي.
سؤالي: لماذا جعلني الله أقع في هذه المعاصي وقت مرضي، مع أنّي كنتُ أتحاشاها في وقت صحتي؟ هل هذا دلالة على أن الله لا يحبّني؟ وهل أستحقّ مكانة من نشأ في طاعة ربه؟ والله إنّي أشعر بغصَّة وأنا أكتب لكم هذه الرسالة، وبكيت ليلة البارحة.
لا أريد أن أعود إلى حالتي النفسية السابقة، أرجو منكم الردّ جوابًا مفصَّلًا، بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء.
وبالمناسبة: فقد أتممتُ السنة الثالثة في كلية الطب - رغم رسوبي في مادة الباثولوجي - ولله الحمد سألتحق بالسنة الرابعة إن شاء الله، لكنّي أتمنى لو لم يؤثّر المرض في التزامي وديني.