الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إدارة المسجد تريد الاستغناء عني مع أني مدرسة ناجحة!

السؤال

السلام عليكم.

أنا مدرسة ومعلمة لكتاب الله تعالى، أدرّس في مسجد في دولة أوروبية، أحفّظ أكثر من 100 فتاة، تخرجت 16 فتاة منهن حافظةً لكتاب الله في 5 سنوات، مع إتقان أحكام التجويد.

اليوم إدارة المسجد تريد الاستغناء عني، وقد أتعبوني نفسيًا، مع أن الطالبات كلهن يشهدن لي، ويحببنني كثيرًا، ويشهدن لي أني أدرّس من قلبي.

هذه الإدارة أتعبتني نفسيًا، ويريدون وضع أناس أقل مني خبرةً بكثير، فهل قول: حسبي الله ونعم الوكيل فيهم يعد ظلمًا لهم أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عفاف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرضيك، وأن يتقبل منك جهدك، إنه جواد كريم.

دعينا نجيبك من خلال ما يلي:

أولًا: جزاك الله خيرًا، وأجزل لك المثوبة على ما قدمت من جهد في تعليم كتاب الله، فهو عمل جليل وشرف عظيم، وقد قال النبي ﷺ: «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه»، وما دمت قد أخلصت في تعليمك، وأتقنت أحكام التجويد، وخرّجتِ حافظات لكتاب الله، فلك من الأجر ما لا يضيع عند الله تعالى، سواءً استمرّ عملك في المسجد، أو انتقلت إلى مكانٍ آخر.

ثانيًا: الخير لا يتوقّف عند مؤسسة أو مسجد؛ فباب التعليم واسع، وميدان القرآن لا يُغلق بقرار إداري، ويمكنك أن تواصلي رسالتك في مسجد آخر، أو في بيتك، أو عبر دروس إلكترونية؛ فالعبرة بالنية والإخلاص لا بالمكان، وربّما أراد الله أن يخرجك من هذا الموضع ليمنحك خيرًا أوسع، وأثرًا أعظم.

ثالثًا: قولك: «حسبي الله ونعم الوكيل» دعاء مشروع، وليس ظلمًا لأحد إذا قلته بقلب منكسر، يطلب العدل دون تعدّ ولا رغبة في الانتقام، فهو تفويض للأمر إلى الله لا اتهام للناس بغير بينة.

رابعًا: لا نستطيع أن نجزم بالظلم من عدمه؛ لأننا لم نسمع من إدارة المسجد، ولا نعرف مبرّرات قرارهم؛ فقد يكون عندهم أسباب إدارية أو تنظيمية لم نطّلع عليها، وقد يكون في الأمر سوء تقدير منك، أو منهم، فالأولى أن تتركي الحكم لله تعالى، فهو وحده يعلم النيات، ويعلم من ظلم ومن ظُلم.

وخِتامًا: ثقي أن عملك محفوظٌ عند الله، وأن كلّ طالبة تعلّمت منك حرفًا من كتاب الله فهو صدقة جارية لك، وسيبقى نور علمك ممتدًا ما دام القرآن يُتلى على ألسن من علمتهنّ.

فاثبتي، واحتسبي، وأقبلي على الله بقلب مطمئن، فربّ موقف يُظنّ فيه الضرر يكون في حقيقته بابا إلى خيرٍ واسعٍ، وأجرٍ أعظم.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً