السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود مساعدتي في وضع خطة لبحث عن محنة الإمام أحمد بن حنبل في فتنة خلق القرآن، وما هي المراجع والكتب التي يمكن الرجوع إليها في هذا الصدد؟
وجزاكم الله كل خير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود مساعدتي في وضع خطة لبحث عن محنة الإمام أحمد بن حنبل في فتنة خلق القرآن، وما هي المراجع والكتب التي يمكن الرجوع إليها في هذا الصدد؟
وجزاكم الله كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Abeer حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد أسعدني أن يكون بحث ابنتي في فلسطين عن محنة الإمام أحمد، فإن فهم قضية الابتلاء والاهتمام بدراسة مواقف العظماء هو الذي يعيد أمجاد أمتنا بعد تأييد ربنا، والنصر لوحةٌ تُكتب وترسم بمداد العلماء ودماء الشهداء، كما أن النصر إنما يكون بعد الابتلاء والصبر، وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، قال رب العالمين في كتابه المبين: (( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ))[السجدة:24]^، وقد قيل للإمام الشافعي: (أيُبتلى المؤمن ثم يمَكَّن، أم يُمكَّن ثم يُبتلى؟ فقال: لا يُمكَّن حتى يُبتلى)، ثم قرأ الآية المذكورة آنفاً.
وأرجو أن أحيي عبرك صمود إخواننا في أرض الرباط، وشرفٌ للصامدين حول الأقصى أن يختارهم الله للعمل من أجل الحفاظ على قضيتنا الكبرى، وأرجو أن يسعدنا الله جميعاً بنصر الإسلام والمسلمين.
وأنا في الحقيقة لا أفضل إعطاء خطة للبحث حتى لا أقتل بذلك روح الإبداع، وأقول لأبنائي وبناتي أرجو أن تقولوا دائماً: (لا تعطني سمكاً ولكن علمني كيف أصطاد السمك).
وأحسب أن الباحث في هذه المسألة يحتاج إلى أن يقف على ما كُتب في تاريخ الأئمة الأعلام كالطبري وابن كثير والذهبي عن قصة الابتلاء ومواقف العظماء، كما أن كتابات شيخ الإسلام ابن تيمية وحياته ومؤلفات الإمام ابن القيم يمكن أن يرجع إليها في هذا الموضوع، ولابن القيم كتاب طبع منفصلاً عن الابتلاء.
كما أرجو أن تهتمي بذكر المواقف التي حصلت للإمام في سجنه من الرجل المخمور الذي وُضع معه، ومن الأعرابي الذي نصحه والنصائح التي تلقاها فكانت سبباً لثباته.
ومن المهم الإشارة إلى مواقف أم الإمام أحمد وزوجته، فوراء كل عظيم امرأة، وقد أشار صاحب الظلال إلى أن أكبر تحد يواجه من يتعرض للابتلاء هو مواقف أسرته وأهله، مع ضرورة الإشارة إلى صبر أمهات الشهداء وأثر ذلك على الشباب المبتلى المجاهد في كل زمان ومكان.
وأنا في الحقيقة أتمنى أن تجيبي على سؤالٍ يقول: لماذا لم يستجب الإمام أحمد لطلبهم ويستعمل التقية، وللمُكره مندوحة – رخصة - انطلاقاً من قوله تعالى: (( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ))[النحل:106]^.
وأرجو الإشارة إلى ثمرة الصبر والرفعة التي ينالها من يصبر والروح التي يبعثها الله في كلامه ومواقفه، وقد أحسن من قال: (إن كلماتنا تظل كلمات فإذا متنا في سبيلها أصبحت حية تسري)، والناس بحاجة إلى قائد فعّال أكثر من حاجتهم إلى قائد قوّال.
ولا يستطيع الإنسان أن يمضي دون أن يشير إلى عظمة الإمام في عفوه عن الذين ظلموه، ويتكرر ذات الموقف مع شيخ الإسلام ابن تيمية، وأرجو أن تدركي أن الأمة عبر تاريخها الطويل تذكر مواقف الصديق يوم الردة وموقف أحمد عند حصول المحنة.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، واعلمي أن الرسالة العلمية الناجحة هي التي يظهر فيها شخصية الباحثة وانطباعاتها وبصماتها، وأسأل الله لكِ التوفيق والعلم النافع والعمل الصالح.
وبالله التوفيق.