الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنشغل كثيرًا بالتفاصيل لحساسيتي الزائدة، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعاني من كثرة الانشغال بالتفاصيل، سواء الصغيرة أو الكبيرة، وأعتقد أن ذلك ناتج عن حساسيتي الزائدة.

كما أنني أعاني من التفكير المفرط في كل الأمور، سواء كانت ذات أهمية أم لا، مما سبب لي تشتتًا ذهنيًا، وأدى إلى القلق، والاكتئاب، وضيق في الصدر.

أنا شخص غير اجتماعي، وأشعر بأنني ضعيف الشخصية، كما أنني أعاني من الفزعة.

سبق أن زرت طبيبًا نفسيًا، ووصف لي دواء (سيتالوجين) بجرعة 40 ملغم، وأنا الآن أستخدم 10 ملغم، أرجو منكم تقديم استشارة لي، خاصة من الجانب السلوكي.

ولكم جزيل الشكر والعرفان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن الاهتمام بالصغيرة والكبيرة دليل على أن شخصيتك تحمل صفات القلق النفسي، الذي يميل إلى الوساوس، وأنت ذكرت أنك تعاني من حساسية زائدة، وهذا هو نفس المعنى، أي أن الحساسية لديك جعلتك تقلق وتصاب بنوع من الهواجس حول الصغيرة والكبيرة، وهذا أيضًا دفعك إلى نوع من التدقيق الزائد، وأصبحت مشغولًا بكثرة الأفكار، فكرة تأتي وأخرى تذهب، وهكذا، وتضخم وتجسم وتجسد الأمور الصغيرة، كما أن هناك ضعف في التركيز، وربما تطاير في الأفكار، وهذا شيء من الاكتئاب وعسر من المزاج، وضيق الصدر هو في حد ذاته دليل على وجود القلق النفسي.

ومن ناحية التشخيص: حالتك حالة من القلق الاكتئابي البسيط، مع وجود وساوس، وهذه تعتبر من الحالات النفسية البسيطة، ولعلاجها أولًا من الناحية السلوكية، يجب أن تكتب كل الأفكار السلبية التي تعاني منها، اكتبها في ورقة، وبعد ذلك تفكر وتمعن فيها، وأجرِ حوارًا مع نفسك، لتستطيع من خلاله أن ترفض كل هذه الأفكار وتستبدلها بأفكار مضادة، أي فكرة إيجابية.

الإنسان حينما يتأمل في فكره، وفي بعض الأحيان في تصرفاته، ويحاول أن يضعها للمنطق، الإنسان الكيس يصل في نهاية الأمر أن يحقر ما لا يستحق الاهتمام، ويهتم فيما يستحق الاهتمام، وهذا مبدأ سلوكي رائع جدًا.

إذاً ارفض كل أفكار السلبية، كل الأفكار الغير إيجابية، وبعد ذلك حاول أن تحقرها وأن تستبدلها بفكرة مضادة، هذا يجب أن يكون واجبًا يوميًا ولمدة أسبوعين، ويمكنك أن تدخل قيمًا جديدة على نفسك، مثلًا قل: (أنا سوف أكون منضبطًا في الذهاب والانصراف من مكان العمل، وسوف أذهب إلى المسجد قبل خمسة دقائق من إقامة الصلاة)، ضع لنفسك نوعًا من الضوابط الشديدة والصارمة، وحاول أن تطبقها، هذه تروض النفس على قبول الأشياء، وعلى إدارة الوقت بصورة جيدة، وهو علاج ممتاز جدًا.

أضف إلى ذلك: يجب أن تشمل إدارتك للوقت نشاطات مختلفة، نشاطات في المحيط الاجتماعي، في محيط العمل، التواصل، ممارسة الرياضة، وهذا علاج سلوكي ممتاز وضروري ومهم، فتوزيع الوقت وإدارته بصورة جيدة علاج سلوكي مضاد للقلق، والعلاج السلوكي الآخر هو ممارسة تمارين الاسترخاء، وهذه التمارين كثيرة ومتعددة، وتوجد أشرطة وكتيبات، فيمكنك أن تحصل على أحدها، وتطبق هذه التمارين من خلال هذه الوسائط.

هناك موضوع آخر: وهو أن تنظر إلى نفسك وصورتك بصورة مختلفة، فيجب أن تقيم نفسك تقييمًا إيجابيًا، فأنت في بدايات الشباب -ولله الحمد-، ولديك وظيفة، ولا شك أن حياتك فيها إيجابيات، فما الذي يجعلك هكذا؟ عش الحياة بقوة والمستقبل بأمل ورجاء.

بقي أن أقول لك: إن العلاج الدوائي الذي تتناوله لا بأس به، وهو دواء جيد ينتمي لمجموعة مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية، والدواء جيد، ولكني أرى أن حالتك يمكن أن تنتفع أكثر بأن تتوقف عن هذا الدواء، ويجب أن يتم ذلك باستشارة طبيبك وتستبدله بدواء يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول Flunaxol)، ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، تناوله بجرعة نصف مليجرام صباحًا ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف مليجرام صباحًا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

وبجانب هذا الدواء، عليك بتناول دواء آخر يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، ابدأ في تناول 10 مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى 20 مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى 10 مليجرام لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه أدوية أكثر فعالية وأسرع، لكن عليك أن تستشير طبيبك في ذلك أولًا، وانظر ما يرى فيما وصفناه لك من هذه الأدوية؛ لأن الطبيب المباشر هو أدرى بحالتك أكثر منا، ولأنه هو الأقرب، نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً