الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في ضيق ومشقة بسبب كثرة وساوسي عند كل وضوء!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من مشكلة التأخر في الحمام أثناء الوضوء، وهذا يعود لثلاثة أسباب:
أولًا: عليّ أن أتفحص ثيابي الداخلية؛ لأتحقق من وجود أي سائل من السوائل الثلاثة.
ثانيًا: عملية غسل الفرج تأخذ مني وقتًا، حتى أتحقق من أني أزلت أي مادة لزجة.
ثالثًا: عملية الوضوء، فأنا أتحقق من أن الماء قد وصل إلى كل أعضاء الوضوء؛ مما يؤدي إلى ضياع وقت الصلاة، وكل هذه الأمور الثلاثة تحولت إلى وساوس، فماذا أفعل؟

أشعر دائمًا بأنني مختلفة عن الآخرين، فعندما يؤذن المؤذن أشعر بضيق؛ لأنني أقضي وقتًا طويلًا في الحمام؛ مما يسبب لي المشقة، بخلاف باقي الناس الذين تكون الصلاة والوضوء بالنسبة لهم أمرًا يسيرًا كشربة الماء، فهي من أسهل الأمور عليهم، ولا يشعرون بالضيق مثلي، بل بالراحة والسعادة، وهي أمر خفيف على القلب، وأنا أريد أن أكون كذلك، فماذا أفعل؟

أشعر بأن ما أقدم من أعمال غير مقبولة، وبأن الله سيعاقبني!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيسرنا أن نرحب بك -أيتها الأخت الكريمة-، ونسأل الله تعالى أن يرفع عنك هذا البلاء الذي نزل بك، ونتمنى أن تأخذي نصيحتنا هذه مأخذ الجد وتعملي بها، فهي -إن شاء الله- العلاج النافع لما تعانينه.

أنت -أيتها الأخت مصابة- بداء الوسوسة، وهو داء عظيم شره، يريد الشيطان من خلاله أن يفسد عليك دينك وآخرتك، فيصل بك الحال إلى كراهة العبادة لما تجدينه من ثقلها عليك، ومن ثم يدعوك الشيطان إلى إراحة نفسك بترك العبادة بالكلية، وهذا هو الشر كله.

وما ينبغي أن تعلميه أن الله -عز وجل- رحيم بعباده، وقد شرع لهم دينًا سهلًا فيه السماحة واليسر واللين، ونفى عنه المشقة والحرج، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدل على هذا المعنى كثيرة جداً.

وكل ما تفعلينه بنفسك من العنت والمشقة هو من الحرج الذي نفاه الله عن دينه ونزه شريعته عنه، ومن ثم فأنت لا تفعلين ما يقربك إلى الله تعالى، بل تعاندين شرعه وتطيعين عدوك وعدوه، فإذا أردت رضا الله تعالى وراحة نفسك فعليك أن تعرضي عن هذه الوساوس ولا تستجيبي لها ولا تفعلي بموجبها، فإذا استنجيت بالماء فيكفي غسل المحل حتى يعود إلى حالته قبل خروج الخارج، فإذا غسلت المحل بالماء فوسوس إليك الشيطان بأنه لا يزال فيه ما يحتاج إلى غسل فأعرضي عنه ولا تمتثلي أمره، ولا تفتشي في ملابسك الداخلية هل نزل شيء أم لم ينزل، بل النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرنا أن نرش على ثيابنا بالماء بعد الاستنجاء حتى نقطع الوسوسة عن أنفسنا.

وإذا توضأت فيكفي أن يصل الماء إلى جميع العضو المغسول، وهذا لا يحتاج إلى كبير عناء ومشقة، فإذا وسوس لك الشيطان بعد غسل العضو فأعرضي عنه.

وهكذا فإنه لا علاج للوسوسة إلا بالإعراض عنها، وكوني على يقين بأن الله تعالى غني عن تعذيبك نفسك، وأن تنطعك وغلوك في الدين على هذا النحو الذي ذكرته في السؤال مما يبغضه الله تعالى ويمقته، فأريحي نفسك وأرضي ربك بالإعراض من وساوس الشيطان.

ومما ننصحك به -أيتها الكريمة- المداومة على ذكر الله تعالى صباحاً ومساء، وعند النوم، وعند دخول الحمام بقضاء الحاجة، والإكثار من قراءة القرآن، وحضور مجالس العلم والذكر، نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كيد الشيطان وأن يوفقنا وإياك لكل خير.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً