الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراجع مستواي الدراسي وحفظ القرآن، محاولات للحل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه، من جهود جبارة لخدمة الإسلام والمسلمين، وبعد:

أنا طالب في السنة الرابعة بكلية الهندسة، كانت معظم أموري في الجامعة على ما يرام، وكنت ملتزمًا مع شيخ في حفظ القرآن الكريم، حتى حفظت 27 جزءًا منه، ومنذ فترة تقارب خمسة أشهر، أصابتني حالة أنني لا أستطيع أن أفعل أي شيء! ففي الدراسة رسبت في معظم المواد في الفصل الماضي، وما استطعت إكمال حفظ القرآن، حتى إنني نسيت معظم ما حفظته، مع أنني أعلم أن نسيان القرآن من أعظم الذنوب، وحتى صلاة الفجر كنت أصليها دائمًا في المسجد، أمَّا الآن فأصليها في غير وقتها، وليس لدي همة لفعل أي شيء.

صحتي الجسدية -ولله الحمد- على ما يرام، ولكن الذي أصابني هو ضعف في الهمة، فهل يمكن أن يكون حسدًا؟ وإن كان كذلك فما هو العلاج؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا ندعوك إلى البحث عن أسباب ما حصل، وأرجو أن تسأل نفسك وتراجع وضعك، فهل وقعت في معصية؟ لأن الأمر كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: (كنا نحدث أن الخطيئة تُنسي العلم)، أو قال: «إِنِّي لَأَحْسَبُ الرَّجُلَ يَنْسَى الْعِلْمَ ‌يَعْلَمُهُ ‌بِالْخَطِيئَةِ ‌يَعْمَلُهَا»، وكما قال ابن القيم: "وَلِلْمَعَاصِي مِنَ الْآثَارِ الْقَبِيحَةِ الْمَذْمُومَةِ، الْمُضِرَّةِ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. فَمِنْهَا: حِرْمَانُ الْعِلْمِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ، وَالْمَعْصِيَةُ تُطْفِئُ ذَلِكَ النُّورَ. وَلَمَّا جَلَسَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكٍ وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ وُفُورِ فِطْنَتِهِ، وَتَوَقُّدِ ذَكَائِهِ، وَكَمَالِ فَهْمِهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى اللَّهَ قَدْ أَلْقَى عَلَى قَلْبِكَ نُورًا، فَلَا تُطْفِئْهُ بِظُلْمَةِ الْمَعْصِيَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
شَكَوْتُ إِلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي … فَأَرْشَدَنِي إِلَى تَرْكِ الْمَعَاصِي
وَقَالَ اعْلَمْ بِأَنَّ الْعِلْمَ فَضْلٌ … وَفَضْلُ اللَّهِ لَا يُؤْتَاهُ عَاصِي.

والله سبحانه لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وهذا منهج في المراجعة ندعوك معه إلى كثرة الاستغفار، وأبشر فإن الله يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه:82].

أما إن كنت على الخير والطاعة وأصابك ما ذكرت، فإننا ندعوك إلى قراءة الرقية الشرعية على نفسك، ولا مانع من عرض نفسك على راقٍ شرعي، يراعي الله في عمله، ويؤدي الرقية وفق الضوابط الشرعية، وذلك بأن تكون الرقية بالقرآن والأذكار وباللغة العربية وبكلام مفهوم، وأن يكون الراقي ممن يلتزم بالشرع الحنيف، وأن يكون نظيف المكان والثياب، وألَّا يطلب أشياء غريبة وعجيبة، وأن يعتقد الجميع أن الله هو الشافي وحده سبحانه، والأمر بحول الله وقوته هين، والعين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين.

وأرجو أن تهتم بما يلي:

1- كثرة اللجوء إلى الله.
2- تجنب الوحدة، فإن الشيطان مع الواحد.
3- المواظبة على الصلاة والأذكار وكثرة الاستغفار.
4- مصادقة أصحاب الهمم العالية.
5- الحرص على بر الوالدين، وطلب الدعاء منهما، وصلة الرحم.
6- السعي في حاجة الضعيف والمحتاج، ليكون العظيم سبحانه في حاجتك.
7- استقبال الحياة بأمل جديد وثقة في الله المجيد.
8- تجنب المعاصي والذنوب.
9- إعطاء الجسم حظه من الراحة، وحقه من الطعام.
10- عدم الوقوف طويلاً عند المواقف السلبية.
11- الاستعانة بالله، والإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله.
12- تقوى الله في السر والعلن.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً