الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل حول لبس النقاب

السؤال

أريدكم أن تساعدوني وأن يكون صدركم رحبا بما سأطرحه، أولا حسبما علمته أن النامصة ملعونة من رحمة الله فهل من لا ترتدي النقاب حكمها أيضا اللعن وأنها مطرودة من رحمة الله أو ماذا، أم أن من ترتديه زيادة في التقرب لله، أنا قرأت عن الفتاوى الخاصة بالنقاب ووجدت ذلك فيه جواز ووجوب فهل لي أن آخذ بحكم الجواز قد يكون من باب عدم لفت النظر لأنه شيء غير موجود في مجتمعي إلى أن تتوفر الظروف الملائمة وأريدكم أن تنصحوني فأنا حاولت جاهدة لذلك لكن لم أستطع بيئتي جداً مختلفة ولست بالقوة الكافية لكي أواجه الجميع بذلك، حين ارتديت الحجاب استطعت أن أقاوم بيئتي لكني أعلم جيداً أني لا أستطيع أن أواجه بيئتي حين أرتدي النقاب وأخاف أن يؤثر على إيماني تأثيراً عكسيا ذلك وأنني بصراحة أشعر بضيق كلما أردت ذلك هذا وأيضا حسبما أعلم أن غرض الحجاب هو عدم لفت النظر لكن في بيئتي لبس النقاب سيؤدي إلى لفت الأنظار لي أكثر، في الحقيقه أنا لا أتحجج فقط في بيئتي ولكن أنا أيضا أشعر أن إيماني حاليا ليس كافيا لمثل هذه الخطوة ولكني أدعو دائما بأن أكون في بيئة تساعدني على ذلك، وهل يمكن أن يكون ذلك بالتدرج أي حين أجد من يساندني من أهلي والصحبة الصالحة التي تعينني على ذلك، وأن تكون البيئة المحيطة تساعد على ذلك، وهل عدم ارتدائي للنقاب يمنعني من أن أحشر مع أمهات المؤمنين أو أن يجمعني ربي بلقائهم في الجنة بإذنه تعالى فأرجو مناقشتي وأشكركم لسعه صدركم لسماع ابنتكم التي تعاني ولا تستطيع أن تفعل شيئا، وأرجو منكم الدعاء لي أن يهديني ربي؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

الراجح من كلام أهل العلم وجوب تغطية الوجه والكفين، لكن لم يرد أن من ترك ذلك يكون ملعوناً ومطروداً من رحمة الله، وإنما هو عاص لله عز وجل بتركه لما يجب عليه فعله شرعاً على القول بوجوب تغطية الوجه والكفين، ولم ينقل أن عدم فعل ذلك يمنع من الحشر في زمرة أمهات المؤمنين، لكن لا يستوي أهل الطاعة وأهل المعصية، ومن أحب أن يحشر مع أمهات المؤمنين فليسلك سبيلهم في الخير ويأتسى بهم في المعروف.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا في فتاوى سابقة أن الراجح من كلام أهل العلم وجوب تغطية الوجه والكفين وسترهما، وذكرنا أدلة ذلك مفصلة، وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4470، 18296، 71734.

وإذا كان فعل ذلك واجباً فإن تركه معصية يستحق فاعلها العقاب ما لم يتب إلى الله تعالى منها، وأما اللعن فلم يرد ولا يقاس على النمص أو غيره، وننبهك إلى أن الشعور بالعجز والضعف هو من حيل إبليس وكيده، فمن كان على الحق فإنه أمة ولو لم يكن معه أحد، وقد ارتديت الحجاب رغم كيد وأنف مناوئيك فالبسي النقاب ولا تبالي بتلك البيئة الفاسدة، وإياك أن تطالبي رضا الناس بما يسخط الخالق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. رواه ابن حبان في صحيحه.

ومما يعين على الالتزام مرافقة الصحبة الصالحة والبعد عن مجالسة ومصاحبة أهل الهوى فالصاحب ساحب، والمرء على دين خليله كما في الحديث، وأما هل عدم ارتدائك للنقاب يمنعك من أن تحشري مع أمهات المؤمنين فلم يرد في ذلك نص، لكن من المعلوم أنه لا يستوي أولو الطاعات وأصحاب المعاصي والسيئات، قال الله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {الزمر:9}، أي هل يستوي هو ومن ليس كذلك، كلا لا يستويان، فإن كنت تودين أن تحشري مع أمهات المؤمنين فسيري على ما كانوا عليه وائتسي بهم في أعمالهم الصالحة وقربهم من الله عز وجل.

نسأل الله تعالى أن يوفقك ويهيئ لك من أمرك رشدا، ويسلك بك سبيل الخير ويبعدك عن سبيل الغواية إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني