السؤال
يوجد صديق لي قد فعل إثما وهو دخل بأمرأة ولكنه متعهد أمام الله أنها زوجته من قبل ذلك وهي أيضا لأن الظروف المادية صعبه على الزواج، أعلم أن هناك كلاما في ذلك ولكن هي زوجته أمام الله، ولكن هو في حيرة هل حكمه أنه زان، وإن كان فهل الله يقبل توبته في الدنيا والآخرة، وما شروط التوبة وهل فعلا لا بد من عقابه في الدنيا بالجلد ،هل لو تاب الله عليه تقع هذه العقوبات أم ماذا مع أنه متزوج منها بدون شهود والشاهد هو الله ولكن الإحساس بالذنب كبير والخوف من عقاب الله هل يغفر الله له لها وهل لا بد من عمل صالح في الدنيا لتكتمل المغفرة، وما هي الأعمال الصالحة لهذا الموقف أغيثوه بالله عليكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلقد وضع الله حدوداً للعلاقة بين الرجل والمرأة تضمن طهارة المجتمع وصيانة الأعراض، فلم يجعل الله طريقاً للاستمتاع بالمرأة الحرة إلا الزواج، والزواج الشرعي له شروط لا يصح بدونها، منها: الولي، والشهود، والإيجاب والقبول.
وما فعله هذا الرجل لم يكن زواجاً شرعياً، وإنما هو زنا، ولا يغني عنه قوله أنه كان يتعهد أمام الله أنها زوجته، فهو كلام باطل سخيف، لا يغير من حقيقة هذا المنكر العظيم، ولا يهون من هذه الجريمة إلا أنه إن كان يعتقد صحته فإنه يدرأ عنه الحد ويلحق به الولد منه، وتراجع الفتوى رقم: 17568.
ورغم ذلك فإن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أنه من تاب توبة صادقة فإن الله يقبل توبته ويعفو عنه، قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانً*إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا* وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا. {الفرقان:71،70،69،68،67}.
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.
فعليك بالمبادرة إلى التوبة الصادقة وشروط هذه التوبة: الإقلاع عن هذا الذنب فوراً، واستشعار الندم على الوقوع في هذه الفعلة الشنيعة، والإحساس بالحياء من الله الذي سترك بحلمه فلم يفضحك في الدنيا وأتاح لك فرصة التوبة قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم، والعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، وذلك بالبعد التام عن مقدماته ودواعيه وعدم مجاراة الشيطان في خطواته، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}
وعليك بالستر على من زنيت بها، والدعاء والاستغفار لها.
أما ما يتعلق بالعقوبة في الدنيا بالجلد، فإنه ينبغي على الإنسان إذا وقع في شيء من الفواحش أن يستر على نفسه ولا يفضحها، لقول رسول الله:.. أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ . رواه مالك.
فليكثر من الأعمال الصالحة وتحصيل الحسنات الماحية، من بر الوالدين وصلة الرحم والصلاة بالليل والصدقة والصيام وكثرة الذكر والدعاء.
وعليك بالاستعانة بالله عز وجل والتوكل عليه والتعرف على أسمائه وصفاته، والتفكر في نعمه. وتذكر الموت وما بعده من أمور الآخرة، وتجنب صحبة العصاة والغافلين، والحرص على صحبة الصالحين، وشغل الفراغ بالأعمال النافعة.
والله أعلم.