السؤال
أنا على علاقة بامرأة غير مسلمة لم تعرف أي رجل غيري, وكنت أعاشرها كزوجة فترة طويلة, لكن قررت أن أتوب إلى الله وأتزوجها على سنة الله ورسوله, وحاولت أحببها في الإسلام هي تعرف أن الإسلام دين طيب وسمح لكن خائفة من عائلتها وليس لديها الرغبة في التحجب, وأنا مستعد أني أبتعد عنها وأتوب إلى الله لكن أنت تعرف عاداتهم يعاشرون بعضهم كأزواج بدون زواج, وأنا سمعت أن ذنب كل من يعاشرها بعدي يقع علي هل هذا صحيح؟ إذا كان صحيحا ماذا أفعل لأتجنب المعاصي وكيف أساعدها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلقد اخطأت خطأ عظيماً وتعديت حدود الله، واجترأت على حرمات الله، فإن الزنا جريمة خطيرة لها أثارها السيئة على الفرد والمجتمع، قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}، لكن من رحمه الله وسعة كرمه أنه فتح باب التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، بل هو سبحانه يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين، بل ويبدل سيئاتهم حسنات، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا* وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان}.
وأما ما ذكرته من أن الزاني يحمل إثم ما تفعله المرأة التي زنى بها ولو بعد توبته، فهذا غير صحيح وإنما الصحيح أن التوبة الصادقة تمحو الذنب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
والتوبة الصادقة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على الوقوع فيه، والعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، وذلك بالبعد التام عن مقدماته ودواعيه وعدم مجاراة الشيطان في خطواته مع الحرص على التزام حدود الله في معاملة النساء، وعليك بالتعجيل بالزواج من مسلمة عفيفة ذات دين.
وعليك بالبعد عن هذه المرأة تماماً، وليس من توبتك أن تتزوجها فلا يجب عليك ذلك، ويمكنك أن تدعو الله لها بالهداية، أما أن تحاول دعوتها للدين بالتواصل معها فهذا قد يكون من خطوات الشيطان، فاحذر من ذلك ولا تعرض نفسك للفتنة حتى تصدق في التوبة، وينبغي أن تدل من تعرف من النساء الطيبات لمواصلة دعوتها وبيان أنه بإمكانها أن تسلم وتخفي إسلامها عن أهلها إن خشيت ضرراً منهم، وعدم الحجاب ليس مانعاً من دخولها الإسلام، فعليها أن تسلم ولعل الله يشرح صدرها بعد ذلك فتلتزم به، وإن لم تفعل فهو معصية أهون من الكفر.
وينبغي لك أن تتجنب مخالطة النساء الأجنبيات، وتحرص على غض البصر، وتتجنب مشاهدة ما يثير الشهوة، وتبتعد عن رفقاء السوء، مع الاستعانة بالله والتوكل عليه، والإكثار من الأعمال الصالحة، والحرص على تعلم أمور الدين اللازمة وتقوية الصلة بالله، ونوصيك بالستر على نفسك، فلا ينبغي أن تذكر هذا الذنب لأحد، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.