السؤال
أشكركم على هذا الموقع الذي يكفينا فخرا أنه من أمة الإسلام ولصلاح الأمة .. أريد أن أعرف ما حكم أني اضطررت أن أكذب على أهلي لإتمام الزواج من خطيبتي في بعض أمور التجهيز، حيث إنهم من بلد آخر، وأهلي مصرون على أن أهل العروسة يأخذون بعادتنا والعكس بالنسبة لأهل العروسة، فإني اضطررت أن أقول لأهل العروسة إني إن شاء الله سوف أقوم على إكمال ما نقص من العادات في العفش والذهب، وخاصة أني أعمل والحمد لله. ولكن ما يقلقني أني لا أريد أن أبدأ حياتي بكذب، و في نفس الوقت أخاف على مشاعر أبى وأمي. ماذا أفعل وخاصة أن دخلتى اقتربت، وأني لا أريد أن أرجع في كلمتي مع خطيبتي وأهلها، رغم أني أعاني من هذا الحمل. وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الذي فهمناه من كلامك أنك قد أوهمت أهلك أن أهل الزوجة قد وافقوا على عاداتكم في حين أنهم لم يوافقوا، وأنك قد اتفقت مع أهل الزوجة أن يظهروا الموافقة مع وعد منك لهم أن توفيهم ما نقص، فإن كان الأمر على ما فهمنا، فلا حرج في هذا الفعل إن شاء الله، إذا لم يمكن الوصول لهذه النتيجة إلا بالكذب، ولكن كان الأولى بك أن تعرض لهم بذلك لا أن تصارحهم بأن أهل الزوجة قد وافقوا، ومع ذلك فنرجو أن لا يكون عليك حرج من ذلك؛ لأن كذبك هذا كان فيه الإصلاح بين أهلك وأهل زوجك، وكان فيه تحقيق مصلحة، وهذا من المواطن التي يشرع فيها الكذب، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا. وزاد مسلم في روايته: وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخّصُ فِي شَيْءٍ مِمّا يَقُولُ النّاسُ كَذِبٌ إِلاّ فِي ثَلاَثٍ: الْحَرْبُ، وَالإِصْلاَحُ بَيْنَ النّاسِ، وَحَدِيثُ الرّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا.
قال الإمام النووي: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرما فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا....إلى آخر كلامه. ولكن يبقى أنه لا بد وأن توفي للزوجة ما وعدتها به، فهذا محض حقها.
والله أعلم.