السؤال
زوجي يعمل بايطاليا فهو مدخر مبلغا من المال وأعطينا هذا المبلغ لأناس تعمل بالتجارة وهم يعطوننا أرباحا ليست كأرباح البنوك حتى تكون حلالا وهم أحيانا يعطوننا أرباحا كثيرة وأنا لا أخبر زوجي بالأرباح كلها ولكن جزء منها لأني أريد أن أشتري شقة لأمي تعيش فيها ولكن لا أريد أن أقول لزوجي ذلك وعندنا بنت وولد وأريد أن أكتبها باسم الأولاد فهل يجوز لي ذلك وأبي بخيل جدا وتعبنا كلنا حتى أمي تريد أن تزوج أخواتي البنات وتترك منزله وكلنا لا نريد العيش معه وكلنا 4بنات وأريد أن أشتري هذه الشقة كي تعيش بها أمي وأي واحدة منا أنا وأخواتي لا قدر الله لم توفق في حياتها الزوجية تعيش بها، وفي نفس الوقت سأكتبها لأولادي لأنها بفلوس أبيهم وأقول لزوجي أنها حق أمي وهي كتبتها لأولادي، فهل يجوز ذلك أرجو الإفادة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما تسألين عنه من شراء هذه الشقة لأمك من مال زوجك بدون علمه حرام لا يجوز وهو من الخيانة للزوج, وأكل أمواله بالباطل والزور, إذ أن زوجك قد ائتمنك على هذا المال فلا يجوز لك أن تتصرفي فيه إلا بعلمه وإذنه حتى ولو كان هذا التصرف على وجه البر والصدقة, خصوصا في مثل هذه الأشياء عظيمة القيمة, فقد روى أبو داود والنسائي عن عبد لله بن عمرو قوله صلى الله عليه وسلم: لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها. وروى الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي في خطبة الوداع: لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذن زوجها.
ويستثنى من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه إذا كان معها إذن عام من الزوج قبل ذلك، فهذا إن تصدقت المرأة به دون إذن من زوجها، كان لها نصف الأجر، ولزوجها النصف الآخر؛ كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه، وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له .
يقول النووي رحمه الله: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له.. فمعناه: من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين , ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن الذي قد أولناه سابقا إما بالصريح وإما بالعرف، ولا بد من هذا التأويل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الأجر مناصفة، وفي رواية أبي داود ( فلها نصف أجره )، ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها، بل عليها وزر، فتعين تأويله.
واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة، فإن زاد على المتعارف لم يجز، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به في العادة، ونبه بالطعام أيضا على ذلك؛ لأنه يسمح به في العادة بخلاف الدراهم والدنانير في حق أكثر الناس، وفي كثير من الأحوال.
واعلم أن المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقة على عيال صاحب المال وغلمانه ومصالحه وقاصديه من ضيف وابن سبيل ونحوهما، وكذلك صدقتهم المأذون فيها بالصريح أو العرف. والله أعلم. انتهى .
وقولك: إنك ستكتبين هذه الشقة باسم الأولاد لا يغير من الأمر شيئا, ولا يجعل الحرام حلالا, فهذه الشقة ليست ملكا للأولاد وإنما هي ملك لأبيهم.
والخلاصة أنه يحرم عليك هذا التصرف؛ بل ويحرم عليك كل تصرف في مال زوجك دون إذن منه, فعليك أن تتقي الله سبحانه وأن تخافي بطشه وعقابه في الدنيا ويوم تبلى السرائر, ويجب عليك حتما أن تخبريه بكل الأرباح التي تأتي من تجارته فلا تخفي عليه من ذلك شيئا, وما أخذتيه منها يجب عليك رده فوراً.
والله أعلم.