الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل بمتابعة مشروع بنك ربوي

السؤال

أنا مهندس مدني أعمل مديراً للمشاريع في شركة فرنسية (فرع قطر) وبالإضافة لمسؤولياتي كمتابع لمشاريع الشركة، فمن واجباتي البحث عن المشاريع الجديدة في قطر ومحاولة الفوز بها بما فيه عائد للشركة. وأنا في موقعي هذا منذ ما يقارب السنتين وقبل ذلك كنت أعمل مع نفس الشركة ولكن في دبي. من الناحية الشخصية فأنا وبصراحة شديدة، منذ أن تزوجت ورزقت بابني الأول وأنا أحاول جاهداً تحري الحلال في كل ريال ليبارك الله تعالى في عائلتي التي أسأل الله أن تكون عائلة متبعة لما أحل الله ومجتنبة لما حرمه، حتى أنني قد جعلت جزءا من راتبي الشهري كصدقة لقوله (صلى الله عليه وسلم): طهروا أموالكم بالصدقات.
منذ مدة بسيطة طلبت مني الشركة متابعة مشروع جديد لمحاولة الفوز به وللأسف هو مشروع لبنك في قطر (مبنى رئيسي لبنك) وهنا بدأت الحيرة، فمن جهة: إذا عملت للفوز بهذا المشروع وتابعت مراحل بنائه فسوف أشارك في إقامة مؤسسة ربوية، ومن جهة أخرى: إن تغاضيت عن الموضوع ولم تفز الشركة بالمشروع فسأكون مقصراً ولم أتم ما أنا مؤتمن عليه. وفي الحالتين سيكون ما أجنيه قد خالطه بعض الشبهة.
أنا واقع في حيرة من أمري.. وقد فكرت بأن أعتذر للشركة عن متابعة المشروع، ولكن لا يوجد أحد غيري بالفرع لمتابعته مما يضعني في موقف ليس بجيد أمام إدارة الشركة، خصوصاً أن سجلي منذ أن بدأت العمل في هذه الشركة حافل بالإنجازات ولي تقدير جيد لدى رؤسائي المباشرين مع العلم أن نسبة المسلمين في الشركة لا تتجاوز 10%.
الشق الثاني من السؤال (وهو الأصعب) هو أننا كشركة نعمل بالعادة كمقاول فرعي لدى مقاول رئيسي قد ربح هو المشروع بالكامل... أحد المقاولين الذين ينافسون للحصول على المشروع، هو شركة لها علاقة ممتازة بشركتنا لدرجة أنه إذا فاز بالمشروع فسوف يتصل بنا مباشرة لإتمام الاتفاق.. وفي هذا الحالة سيكون من واجباتي متابعة المشروع والعمل فيه بحكم أنه هذا يقع ضمن مسؤولياتي.
أعتذر ثانية على الإطالة، وأتمنى أن تنصحوني بما هو أسلم لديني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكون الأخ السائل يتحرى الحلال في راتبه دليل على إيمانه وتقواه، وسؤاله يشهد بذلك أيضا، فنسأل الله أن يزيده توفيقا، والذي نراه في جواب سؤالك هو أنه إذا كان المشروع لبنك ربوي فإنه لا يجوز الإعانة على المشروع المشار إليه ما دام لبنك ربوي بأي أنواع الإعانة لا متابعة ولا إشرافا ولا غير ذلك، والدليل قوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2} ولو فرض أن غيرك تابعه وفازت به شركتكم أو فازت به الشركة الأخرى التي ذكرت أن لها علاقة بشركتكم أو وكلت لكم الإشراف على المشروع لم يجز لك المشاركة في ذلك، وما دمت قد ذكرت أن سمعتك في العمل طيبة فيما سبق، فلعل هذا يكون لك شافعا عند الشركة في قبول عذرك إذا اعتذرت إليهم، وبينت لهم وجهة نظرك الشرعية في الموضوع، وأنه لا يمنعك من العمل فيه إلا أنك تعتقد حرمة ذلك، واجعل نصب عينيك قول الله تبارك وتعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} وقول الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً {الطلاق: 4} وانظر الفتوى رقم: 26178 والفتوى رقم: 100700.

ولا يفوتنا أن ننبهك إلى أن الحديث الذي ذكرته: طهروا أموالكم بالصدقات. لم نجد له ذكرا في كتب السنة ودواوينها، ولا شك أن الصدقة تطهر صاحبها، لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا {التوبة: 103}، ولكن لا يصح نسبة حديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل التأكد من أنه قاله حتى ولو كان معناه صحيحا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني