السؤال
زوجي يعمل طوال الأسبوع و ينهي عمله متأخرا في المساء ونحن حديثا العهد بالزواج، وهاتفاه النقالان يرنان بعض الأحيان في طوال المدة التي يقضيها، خاصة أحد أصدقائه فقد يرسل 10 رسائل في الساعة وقد نكون في الفراش وهذا أمر يضايقني كثيرا فكأنه لي ضرة، ولطالما أدى هذا إلى خصومات حادة بيننا، فزوجي لا يريد أن ينبه صديقه للإزعاج و المشاكل التي بيننا بسببه، وأنا ضقت ذرعا بتكرار نفس الجمل كل يوم فقد امتد الأمر كثيرا حتى صرت أرى هذا الشخص في كوابيس في منامي، فأرجو من فضيلتكم النصح لي والدعاء فقد عجز صبري وأرجو منكم أن توجهوا كلمة لزوجي و إن استطعتم أن تجيبوا بالفرنسية فإنه لا يقرأ العربية بدون شكل..
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهم ما تستقيم به حياتهم، وتنضبط به معايشهم، ولا سيما الزوجان؛ فإنه ينبغي أن يكون بينهم من المودة والرحمة ما تتم به سعادتهم، ومن هذه الشرائع العامة والقواعد الكلية التي لو روعيت لتحققت هذه المصلحة العظيمة، قوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة : 228} قال السعدي: أي: وللنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة والمستحبة انتهى.
وهذه القاعدة قد وسعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلها قاعدة عامة بين الناس، فقال: من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه متفق عليه.
فإن كان الزوج يحب أن تتجنب زوجته ما يزعجه ويغضبه، فكذلك ينبغي عليه أن يتجنب ما يزعجها ويغضبها. وهذا من جملة العشرة بالمعروف التي أمر الله بها فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء : 19}.
وعلى الزوج أن يدرك أن حسن معاملته لأهله من أسباب نوال الخيرية عند الله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
ولذلك أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيرا. رواه البخاري ومسلم واللفظ له. وقد سبق بيان معاملة النبي الحسنة لأهله وخدمه في الفتوى رقم: 27182.
فينبغي للزوج أن يقوم بحق زوجته تقربا إلى الله بامتثال أمره، ولا يشغله عن ذلك حتى العبادة فضلا عن غيرها، فقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم. فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم. فلما كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن. فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان. رواه البخاري.
فالزوج مطالب مطالبة أكيدة بإعفاف زوجته ومعاشرتها بالمعروف، وليس من العشرة بالمعروف إهمالها والإضرار بها. كما نوصي الزوجة بأداء حق زوجها والصبر عليه ومعاملته بالحسنى، وأن تدفع أذيته بالتي هي أحسن، كما قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت : 34}.
ولتتذكر السائلة الكريمة أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل امرأة: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك. قال المنذري: رواه أحمد والنسائي بإسنادين جيدين والحاكم وقال صحيح الإسناد اهـ. وصححه الألباني.
ويرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 27662 ، 6795 ، 2589، فإن فيها جملا مفيدة نافعة بإذن الله تعالى فيما يتعلق بحقوق كل من الزوجين وما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بينهما وما يضمن استمرارية الحياة الزوجية على الوجه الأكمل.
والله أعلم.