السؤال
سمعت من البعض عن نص حديث نبوي معناه: عاشروهن وخالفوهن. في التعامل مع الزوجة. فهل هذا الحديث صحيح؟ وما هي أسس التعامل مع الزوجة في البيت، فالبعض يقول لي يجب أن تعلم أنك حازم وطيب في نفس الوقت. فهل أتعامل مع زوجتي على أساس طبيعتي أم بشكل مختلف ولا أكون على طبيعتي؟ فانا خاطب الآن ولست متزوجا، ولكن أريد أن أعرف أسس وأصول التعامل اجتمايا ودينيا قبل أي شئ حتى يستريح ضميري أمام الله وأستريح نفسيا؟
بمعنى أدق: في الحياه العامة يقول البعض حديثا معناه هو عدم ترك الزوجة تتعامل معك كما تريد وعاملها كما تريد أنت، وكن أنت الأقوى. مثل هذه النصائح العامة ولكني أرى أنه يجب أن أكون على طبيعتي بشكل لا يؤثر على طبيعتنا، فكيف كان النبي عليه الصلاة والسلام؟ وكيف أستطيع التعامل مع زوجة المستقبل- بإذن الله- بطريقة لا تزيد المشاكل ولا تضيع هيبة الرجل في البيت؟ فكما سمعت وقرأت ببعض النصوص الدينية أن المرأه خلقت من ضلع أعوج وتحتاج إلى طريقة خاصة لمعاملتها. فما هي هذه الطريقة بما يرضى الله ورسوله عليه الصلاة والسلام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعلك تقصد بما ذكرت ما اشتهر على ألسنة بعض العوام من قولهم: شاوروهن وخالفوهن. وهذا حديث باطل لا أصل له.
جاء في فيض القدير: وأما ما اشتهر على الألسنة من خبر شاوروهن وخالفوهن فلا أصل له. انتهى.
وجاء في السلسة الضعيفة للألباني: شاوروهن-يعني النساء-وخالفوهن, لا أصل له. انتهى.
والأصل في معاشرة الرجل لزوجته أن تكون بالمعروف، وقد سبق معنى المعاشرة بالمعروف في الفتويين رقم: 116273, 2589. وبينا بالتفصيل الحقوق المشتركة بين الزوجين في الفتوى رقم: 27662.
وفي النهاية ننبهك إلى أن التعامل بين الزوجين ينبغي أن يكون بالمودة والرحمة التي امتن الله بها على الأزواج بقوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. {الروم:21}.
فليست العلاقة إذا قائمة على التنافس والتضاد، وأما ما تسأل عنه من تعاملك مع زوجتك بطبعك وما جبلت عليه أم تتكلف خلقا آخر فنقول: ينبغي أن يكون تعاملك مع زوجتك على أساس الحق والصواب، فإن كانت أخلاقك توافق الحق والصواب فلا تخرج عنها, وإلا فعدل أوضاعك وغيّر أحوالك بما يوافق الحق وهذا هو أساس التكليف وأصله, فإن الإنسان من طبعه العجلة وهو مأمور بالأناة, ومن طبعه الشح وهو مأمور بالبذل والجود, ومن طبعه الظلم وهو مأمور بالعدل وهكذا، وما ذكرت من كون المرأة لها طبيعتها الخاصة حق لا شك فيه. فقد قال سبحانه: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ. {الزخرف : 18}.
قال ابن كثير رحمه الله: أي: المرأة ناقصة يكمل نقصها بلبس الحلي منذ تكون طفلة، وإذا خاصمت فلا عبارة لها، بل هي عاجزة عَيِيَّة.
وكذلك فإنها خلقت وفيها عوج لازم لها لا سبيل لتمام تقويمه كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء. رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها .
ولكن هذه الطبيعة لا تسوغ للرجل أن يحقرها أو يستخف بحقوقها، بل إنما ذكر الشرع هذا من طبيعة المرأة لحكم عظيمة من أهمها أن يحفز الرجال على المزيد من الصبر والحلم والتغاضي في تعاملهم مع النساء.
والله أعلم.